ترجع أقدم لغة مكتوبة إلى البشرية إلى اللغة السومرية، التي يعود تاريخها إلى حوالي 3100 قبل الميلاد في جنوب بلاد ما بين النهرين. هذه اللغة غنية ومتفردة، وليست مجرد وسيلة للتواصل اليومي، بل هي مرآة للحضارة والفكر الإنساني القديم.
كانت كتابة اللغة السومرية تتم بخطوط نصية مسمارية، مما يجعل منها أول نظام كتابي يتم تنفيذه بهذا الشكل. الرموز المستخدمة في هذا النظام ليست فقط صوتية ولكن لها أيضًا دلالات تصويرية، وهو ما يسمح بفهمها بغض النظر عن الثقافة الناطقة بها.
استمرت اللغة السومرية في الاستخدام لمدة طويلة نسبياً حتى بداية العصر المسيحي, رغم أنها قد تم استبدالها تدريجياً باللغات المنطوقة مثل الأكادية والآشورية البابلية بحلول العام 2000 قبل الميلاد.
تتنوع مرحلة تاثير هذه اللغة بشكل ملحوظ, ويمكن تصنيفها إلى أربع فترات: السومرية القديمة، السومرية الكلاسيكية، السومرية الحديثة، وما بعد السومرية. كل واحدة منها تحمل خصائصها الخاصة وتمثل جزءاً مهماً من تاريخ المنطقة.
على الرغم من محدودية انتشار المتحدثين الأصليين للسومريّة جغرافياً، إلا أنها لعبت دوراً مؤثراً في تشكيل ثقافات وحضارات أخرى. تأتي أهميتها أيضاً من كونها أساساً للعديد من الوثائق الرسمية لدى شعوب مثل المصريين والبابلانيين والإسوريين وغيرهم.
تتميز اللغة السومرية بالحفاظ الدقيق لجذر الكلمة، حيث لا تتغير أشكال الكلمات بناءً على الجنس أو الحالة النحوية للأفعال أو الأسماء - خلافاً لما يحدث في الكثير من اللغات الأخرى بما فيها تلك ذات الأصل الهندي الأوروبي أو السامي تحديداً.
تبدا الأدلة المكتوبة لهذه اللغة بوجود نصوص تعود إلى فترة أوروك الرابع والتي تضمنت أغلبها تسجيلات وأرقام ادارية ومعلومات تعليم طباعة أساسية. شهدت طريقة كتابتها تقدماً ملحوظاً عبر الزمان خصوصا فيما يتعلق بمجالات متخصصة كمجالي العلم والرياضيات بالإضافة لتطبيقات متنوعه أخرى.
إن دراسة اللغة السومرية تعد رحلة مثيرة للانطلاق نحو عمق التاريخ، فهي بوابة لفهم جذور المشاعر الإنسانية والتجارب المعيشة التي عاشها الإنسان الأول بطريقته الفريدة والمذهلة.