ولد الفيزيائي الشهير والمعروف باسم "عالم الأرقام"، إسحاق نيوتن، في مدينة ولثم بالقرب من جرينتش بإنجلترا عام ١٦٤٣ ميلادية وسط ظروف عائلية متواضعة. وعلى الرغم من طفولته الصعبة ومشاكل صحية مزمنة تحدَّت نموه البدني والنفساني إلا أنه برع منذ سن مبكرة بالرياضيات وكان لديه فضول استطلاع طبيعي دفعَه لاستكشاف العالم الطبيعي بكل اهتمام. التحق لاحقا بكلية سانت ماري الملكية في كامبريدج حين فتح فيها الباب أمام طلاب غير جامعيين نتيجة للوباء الأوروبي آنذاك المعروف بالطاعون الدبلي. هنا بدأ رحلة الاكتشاف والإبداع التي شكلت ثورة معرفية لعصر النهضة العلمية الحديث.
تميز عصر نيوتن بتغيرات عميقة أثرت على الوعي الإنساني والفكري جمعاء إذ خرجت البشرية من وهم الأفلاك المركبة نحو فهم جديد لبنية كوننا وسلوك مادته عبر رؤيته المنظورة للأشياء تحت مظلة القانون الجامع والقوة المركزية للحركة. حققت نظرية جاذبية عالمية واحدة ذات تأثير موحد لكل الأشياء ذائعة الصيت نسبة إليه بالمسافة المربعة للعلاقة بين جسمين وفق قانون الجذب الشهير ثلاثي التشكل والذي ضمن للمرة الأولى دقة وصف للنظام الشمسي بدءا من حركة الأرض حول الشمس مرورًا بعروض الأقمار والكواكب الأخرى دورانا مدوريا ثابت الاستقرار عبر الزمن مما يؤكد مجاله المختبري الخالص في ميدان الفلكي التطبيقية.
كان هذا المكتشف النير أيضًا مبتكر عدسة مرآة جديدة في التصوير الضوئي تستخدم الانعكاس عوض الإنكسار التقليداتي فتقلص بذلك عرض الأنبوب ليصبح أخف وزنًا وأقل تكلفة وينتج صورة أحسن بدون تشوه بصري مخل بالنظرية المثالية لنظرته الجمالية التي تبنتها حركة الفن الكلاسيكي الجديدة حديثًا وقتها. ولم يقف دوره عند حدود خدمة الرسم فقط بل اقتربت أعمال منهجه التجريبي العملي قليلاً لما يسمى اليوم بحوسبة الكمبيوتر المبكرة وذلك باستخدامه نماذج مساندة ورقمية لحساب تدفق المياه داخل البرك وكذلك تطوير آلات احتساب ذهبية مصغرة مضادة للتلاعب بالموازنة المالية الحكومية زمانه. وبذلك يمكن اعتبار ابن الطبيب الفقير ومنارة جامعة الترينيطي السابق مثال حي حي لفيلسوف وعالم فاضل ترك علامة فارقة لدى الثقافتين الشرقية والغربية المشيدة بندائه المستمر بالسعي لتحقيق السلام الداخلي للإنسانية والسعي لرصد جمال ودقة الربيع المحمود.