في ظل حكم الخلافة الأموية، شهدت منطقة خراسان، التي كانت تشكل جزءاً كبيراً من شرق إيران الحالية وأفغانستان وتركمانستان اليوم، فترة من التحولات الثقافية والاقتصادية المهمة. هذه المنطقة ذات الموقع الاستراتيجي الواصل بين آسيا الوسطى والعالم الإسلامي الأكبر، لعبت دوراً حاسماً في تاريخ العالم العربي والإسلامي.
بعد الفتوحات الإسلامية تحت قيادة الصحابي الجليل سعيد بن العاص، أصبحت خراسان واحدة من المناطق الرئيسية ضمن الدائرة الفيديرالية للإمبراطورية الأموية. خلال هذا الوقت، أثبتت الإدارة العربية الجديدة قدرتها على تحقيق استقرار كبير وإدخال نظام حضري جديد إلى القرى المحلية. بالإضافة إلى ذلك، أدى النشاط التجاري المتزايد عبر طريق الحرير والأنهار المحلية مثل نهر آمودريا وجيحون إلى ازدهار اقتصادي ملحوظ.
ثقافياً، أُعيد تعريف المجتمع بخلط اللغة والثقافة العربية مع التراث المحلي الغني. ظهر شكل جديد من الفنون والحرف اليدوية يعكس التنوع الثقافي للمنطقة. كما برز العديد من الشعراء والفلاسفة الذين ساهموا بشكل كبير في الأدب العربي القديم.
ومع ذلك، لم تكن كل جوانب هذه الفترة خالية من الصراع. واجه الهيكل السياسي المركزي للممالك البارثية والساسانية تحديات كبيرة بسبب النفوذ المتزايد للقادة المحليين الأقوياء. لكن رغم تلك التقلبات، ظلت خراسان مركزاً هاماً للتعلم والتجارة والثقافة حتى نهاية عصر الدولة الأموية.
هذه الحقبة التاريخية مهمة لأنها توضح كيف يمكن للأحداث العالمية الكبرى أن تؤثر وتغير مسارات الأقاليم الصغيرة ولكن ذات الأهمية الاستراتيجية. ولا تزال ذكرى دور خراسان الفريد وسط تقاطع الطرق التجارية وحركة الأفكار واضحة حتى يومنا هذا.