كانت الحضارة الفينيقية واحدة من أكثر الثقافات ازدهاراً في العالم القديم، وذلك بفضل اقتصادها القوي والمبتكر. هذه الحضارة التي عاشت بين القرنين الثالث عشر والقرن الثاني قبل الميلاد حولت فينيكيا إلى مركز تجاري عالمي رئيسي. الأساس الرئيسي لهذه الثورة الاقتصادية كان التجارة البحرية النشطة.
الفينيقيون كانوا بحارة ماهرين وقد طوروا سفنهم الخاصة، والتي كانت تتميز بالسرعة والقابلية للتنقل في المياه العميقة. سمح لهم هذا بتوسيع نطاق تجارتهم عبر بحر الأبيض المتوسط وخارجه. إنهم لم يكتفوا فقط بنقل البضائع؛ بل أصبحوا أيضًا وكلاء ثقافية ونقلة للعلم والمعرفة.
كان الغزل والنسيج والصناعة المعدنية بعض الصناعات الرئيسية التي دعمت اقتصادهم المحلي. كما قاموا بصنع الورق وصناعة الزجاج، مما جعل المنتجات الفينيقية مرغوبة للغاية حول العالم المعروف آنذاك. بالإضافة إلى ذلك، لعبت الزراعة دور هام في الاقتصاد، حيث استخدموا تقنيات ري متقدمة لتوفير الأمن الغذائي لسكان المدن الكبيرة مثل صور وبيبلوس وصور.
علاوة على ذلك، فإن نظام الدفع المقايضة الذي وضعوه ساعد أيضاً بشكل كبير في تعزيز نشاط السوق. واستخدموا عملة مصنوعة من الرصاص والحجر بدلاً من العملة المعدنية التقليدية. ومع مرور الوقت، بدأوا باستخدام شلن البرونز كعملة رسمية، وهو ما يُعتبر أحد أول الأمثلة على استخدام المال العالمي الموحد.
بشكل عام، عززت الطرق التجارية الواسعة والتقدم التكنولوجي وفهمهم العميق للسوق العالمية مكانة الحضارة الفينيقية كإحدى أقوى المنظومات الاقتصادية خلال فترة تاريخية طويلة نسبياً.
إن فهم التاريخ الاقتصادي للفينيقيين يعطي نظرة ثاقبة لقوة الريادة التي يمكن تحقيقها حتى بدون التكنولوجيا الحديثة ولكن بناءً على الإبداع والإصرار والسعي للتطور المستدام.