"ضحكات كئيبة"، العمل الأدبي الرائع للكاتب المصري الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، هو خروج مميز عن نمطه المعتاد. الكتاب، الذي صدر لأول مرة عام 2012 بواسطة دار نشر سبارك بمصر، يجمع بين الفكاهة والسخرية اللاذعة في تناول لقضايا اجتماعية عميقة.

يمثل "ضحكات كئيبة" محاولة فريدة للتعبير عن هموم المجتمع المصري والعربي بطريقة بديلة ومبتكرة. تشكل مجموعة الخواطر والقصص المنشورة فيه نوعاً جديداً من النثر الحر الذي يستعرض الواقع بكل تناقضاته وأسراره الغامضة بسلاسة وبراعة أدبية نادرتين. تتميز النصوص بروح الدعابة التي تظهر بشكل واضح رغم معاناة الشخصيات وتعكس رؤية المؤلف الخاصة بالحياة والمجتمع المحيط بهم.

تنوع الموضوعات المطروحة جعل من الكتاب مرجعاً ثرياً للحالة النفسية للأفراد داخل مجتمعات الشرق الأوسط. تتعدد الزوايا التي ينظر منها المؤلف إلى الحياة اليومية للشخصيات الموجودة ضمن صفحات روايته؛ فتارة يبدو وكأنه يعد رسماً كاريكاتورياً لحالات بشرية مختلفة وطرائف يومية مُحرِجة وطائشة، وأخرى يُغطي وجهه بالنار عندما يحاول تسليط الضوء على الحقائق المؤلمة المخفية خلف تلك الأقنعة المُزيفة - كتلك التي ترتديها الطبقة المثقفة والتي غالباً ما تصبح جزءاً أساسياً مما يسمونه "العالم العربي". كما يشير أيضًا إلى عدم قدرتهم على مقاومة التصورات التقليدية الراسخة حول الجنس والثقافة والدين وغيرها كثير ممن يخشون تغيير معتقداتهم القديمة مهما كانت خطيرة كانت أم سخيفة! لكنَّ الأمر هنا ليس مجرد نقد بل دعوة للسخرية والنكت باعتباره وسيلة فعالة لإحداث تغييرات صغيرة ولكن مؤثرة للغاية تجاه تحسين وضع الشعوب العربية.

هذه الرحلة عبر صدور الإنسانية والأفعال الإنسانية الصغيرة تستحق التجربة حقاً، خاصة عند النظر إليها بإمعان واسع تحت عينيه حين يقول: "إن معرفتنا بما يحدث الآن هي بداية اكتشاف مستقبل أفضل". إنها ليست مجرد قصة بل دعوة للاستمرار بالمقاومة اللاعنفية ضد واقع مرٍ ولكنه قابل للتغيير إن وجدت لدينا شجاعة التغيير والإصلاح. لذلك فإن "ضحكات كئيبة" يصنف كنص أدبي عميق ومعاصر يستحق الانتباه إليه أكثر بكثير من كونها فقط كتاب ساخر ممتع للقراءة أثناء الاسترخاء بعد نهار طويل ومتعب!