الفروق الدقيقة بين الغزو الفكري والغزو الثقافي: نظرة عميقة حول آثار الغزو عبر الزمن

مقدمة: يمثّل مصطلح "الغزو" تهديداً مباشراً لاستقلال الأمم وخصوصيتها؛ وهو ليس مجرد مواجهة عسكرية كما يُعتقد غالبًا، لكن له أشكال متعددة يمكن أن تتغلغل

مقدمة:

يمثّل مصطلح "الغزو" تهديداً مباشراً لاستقلال الأمم وخصوصيتها؛ وهو ليس مجرد مواجهة عسكرية كما يُعتقد غالبًا، لكن له أشكال متعددة يمكن أن تتغلغل بشكل أكثر خطورة وأكثر دهاءً لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وفكرية شاملة. سنتناول هنا الفرق الجوهراني بين الغزو الفكري والغزو الثقافي وكيف يؤثر كل منهما على المجتمع المستهدف بصورة مدمرة.

مفهوم الغزو الفكري:

يشير الغزو الفكري إلى عملية تسعى فيها القوة المسيطرة لتغيير معتقدات وقيم مجتمع ما باستخدام وسائل غير مباشرة وغير مباشرة أيضًا. هذه العملية ليست عنيفة ظاهرياً ولكنها تسمّم النظام الداخلي للفكر والشخصيات داخل بلد المستهدَف. هدف المتحكم بهذا النوع من الغزو؟ الاستيلاء على موارد الآخرين بلا مقاومة فعلية - وذلك عبر حشد التأثير النفسي والعاطفي لدى السكان المحليين لإيجاد حالة الانقياد والتبعية الشاملة تجاه الحاكم الجديد. إنها طريقة لجذب البلدان المستهدفة نحو مستنقع الخنوع الذاتي.

مثال توضيحي للغزو الفكري:

لتوضيح الأمر بشكل عملي، لننظر لحالات موثقة للتاريخ الحديث مثل ما حدث أثناء الاحتلال البريطاني للهند البريطانية. فقد حرص الإنجليز على تعزيز مكانتهم التعليمية والاقتصادية بينما كانوا يعملون بنفس الوقت على تغيير الهوية الوطنية الهندية نفسها؛ فالمدارس والمعاهد التعليمية كانت تقدم مواد دراسية بغرض تزييف التاريخ الهندي وتعريف الطلاب بأصول ومجد بريطانيا بدلاً من علم الآثار والأنساب الهندوس القديمة مثلاً. بالإضافة للأحداث الرياضية والدينية المصطنعة والتي تم تصميمها بذكاء لتغذية الشعور الوطني الوهمي للشعب تحت الحكم البريطاني. إذن فإن الخطوط الحدودية لهذه المؤامرة لم تكن واضحة ولم تكن واضحة الجانبين البارزين للحرب العسكرية التقليدية.

المفهوم العام للغزو الثقافي:

على الرغم مما سبق ذكره يدخل الغزو الثقافي ضمن نطاق النظريات المتعلقة بالهيمنة العالمية فهو مختلف تمام الاختلاف عنها فيما خص طرائقه وآليات العمل والسلوك المعتمد فيه. إنه بالفعل حملة فرض أجواء الضغط الاجتماعي والقمع المباشر للقضاء نهائيًا على هيبة البلد الضعيف وباستخدام كافة الوسائل التشريعية القانونية المشروع لها بحسب نظام الدولة المغتصبة الجديدة! إن أهداف هؤلاء هم ذات تلك المرتبطة بأنواع الحرب المختلفة ولكن الاختلاف يكمن فى استخدام قوة السلاح واستراتيجيته بالحفاظ علي قبضة سلطوية مطلقّة وتحويل حياة المواطنين المقيمة أصلاً إلي ما يجعل حياتهم أقرب للإستعباد بأشكاله السلبية المنتشرة بكافة ربوع الأرض الحديثة بكل أرجائها السياسية والجغرافية والعلمية أيضا!

الأمثلة الواقعية للغزو الثقافي:

إحدى أشهر حالات تطبيق القانون الدولي الإنساني الخاص بتعميق دوره المبني أساسه علي محاولة اختفاء هوية الأشخاص الذين يعانون بسبب كون وجودهم يعتبر أقل أهميه أمام تنامي انتشار الظاهرة الاجتماعية الرائجة الآن والتي اشتهرت باسم 'الانصهار'. ربما رأينا كيف أدى ذلك لأعداد كبيرة ممن ولدو خارج وطن آبائهم وجدودهم ومايزال يحافظون علي الانتماء لدياراتهم الأولى رغم سنوات العمر المضنية!. هناك الكثير من الأدبيات الواردة لرسم صورة كاملة لما يحدث حالياً للعالم العربي عامة وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصًا حيث بدأ البعض بإعادة تعريف مفاهيم جديدة لبناء الشخصية العربية وفق أسس قائمة على التفوق الأوروبي والذي يعد نموذج المثالية لهم خاصة للسكان ذوي الطبقة الفقيرة نسبيا! فمثلا كتابة الكتاب المقدس بالعربية وتسليط الضوء عليه كمصدر معرفي رئيسي إضافة الي تقديم دورات تدريبة لشباب المنطقة الأخير تساعدهم لفهم فلسفات الحياة الأوروبية وطريق الوصول إليها ليصبح جزء منهم!!! فهذه بعض البوادر التحذيرية المؤلمة جدا لسكان العالم الثالث!!!!!!!!!!

خلاصة الموضوع:

يتخذان شكلان متفاوتان ولكنهما مشتركان في النهاية هدفهما واحد وهو إعادة تشكيل البنى النفس البشرية لصالح صاحب اليد الأعلى قدرة ونفوذا عالمیاُ.... حسنًا.. حين نفهم ماهي قصة الغزو حقَّا وشخصياته الرئيسيين سنتمكن حتما من فهم كيفية التعامل معه دون الوقوع بفخاخ خداعاته...... حفظ الله شعوبنا جميعا !


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات