مفهوم الفلسفة الواقعية: بحث مستفيض

الفلسفة الواقعية، والتي تعتبر ردّاً مباشراً على الفلسفة المثالية، تستند إلى رؤية تقرن وجودنا في الحياة مع أساس الحقائق. وفقاً لهذه الرؤية، فإن الحقائق

الفلسفة الواقعية، والتي تعتبر ردّاً مباشراً على الفلسفة المثالية، تستند إلى رؤية تقرن وجودنا في الحياة مع أساس الحقائق. وفقاً لهذه الرؤية، فإن الحقائق لا تخلقها العقول البشرية، وإنما تتواجد بالفعل حولنا ويمكن تجربتها والملاحظة عبر الخبرات اليومية. يؤكد أرسطو، وهو أحد مؤسسي هذه المدرسة الفكرية، على أهمية الجهل الشخصي والسعي الدائم نحو اكتشاف الأحكام الطبيعية التي توجه حياتنا.

تشدد الفلسفة الواقعية على ثلاثة مبادئ أساسية: أولاً، إن الحقائق دائمة الوجود وتسبق ظهور الإنسان بكثير. ثانياً، ينبغي للإنسان أن يبذل جهده ليصل إلى المعرفة ويتعلم القوانين الطبيعية التي يحكم بها واقعُه. وأخيراً، تقر بأن المجتمع يأتي قبل الفرد، فهو ليس فقط كيان يحتوي أفراداً ولكن أيضًا الوسيلة التي يخدم بها هؤلاء الأفراد مجتمعهم. فالناس هم بطبيعتهم كائنات اجتماعية بغض النظر عن رغبتهم الشخصية في الانعزال.

ومن ثم تأخذ الفلسفة الواقعية عدة أشكال فرعية بارزة:

  1. "الواقعية الساذجة": تؤمن بأن الأفكار عبارة عن نسخ مصغرة دقيقة لما يوجد في العالم خارج النفس، وأن هذا العالم يعكس وجود العديد من الكائنات والعلاقات فيما بينها. يُطلق عليها اسم "السذاجة" بسبب الاعتماد الكلي على المنظور العقلي دون اختبار عملي للقضايا المطروحة.
  1. "الواقعية النقدية التقليدية": تصرح بحقيقة أدوات الاستشعار وحدودها في فهم العالم المادي بشكل صحيح. بالنسبة لها، المواد هي حقائق قائمة بذاتها ولديها خصائص محسوسة يمكن التعامل معها عبر العمليات العلمية المتعارف عليها. بينما تعد الصور -أو الظلال- التي توفرها الحواس جزء فقط من بناء داخل الذات وليست ذات قيمة مستقلة.
  1. "الواقعية الجديدة": تهتم بدراسة عملية الإدراك نفسها وكيف تحدث بلا وسطاء أو عناصر إضافية خارجية أثناء التواصل بين العقل وصورة الشيء الخارجية عنه. هنا يشابه الإدراك المرآة المؤقتة التي تعكس الصورة الأمثل للحقيقة الموضوعية تماماً بدون تشويه.
  1. "الواقعية النقدية المعاصرة": خلاصة للتطور المعرفي الحديث حيث ترتكز فلسفتها على دراسة التفاصيل الصغيرة أكثر من التركيز الشامل العام وذلك باستخدام طرق ومعلومات جديدة مثل تلك المستمدة من علوم الفيزياء والحياة الرياضيات وكذلك علم النفس.

أما رواد هذه الحركة الفكرية فقد شملوا شخصيات عريقة مثل فرانسيس بيكون الذي دعا لبناء منهج جديد لأسلوب التدريس يقوم على التجارب العملية عوض الثقة العمياء بالعصور القديمة والمعاني المجردة؛ وجاك كومينسكي الذي ترك بصمه واضحه بمختلف جوانب التعليم منذ نشأة الطفل حتى مرحلة الشباب المبكرة؛ وجون لوك الذي طور نظريات حول طبيعه الكونجرس البشري، إيماناً بشخصيته الموافق للقيم الأخلاقية والإنسانية المشترك بها الجميع.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات