بدأت رحلة البشرية نحو استكشاف واستخدام الطاقة النووية خلال القرن العشرين بإثارة فضول العديد من العلماء الذين سعوا لفهم طبيعة ذرات العالم وفهم كيف يمكن تحويل هذه القوة الأساسية إلى موارد عملية. يعود الفضل بشكل أساسي للأخوان رذرفورد ولورانس رايت في بدء هذا المسار العلمي المثير عندما قاموا بتطوير أول جهاز صنع نووي يدعى كيكرترون عام 1932. هذا الجهاز سمح لهم بصنع عناصر جديدة وملاحظة التحولات النووية لأول مرة.
في الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات، اتجه البحث العلمي نحو استخدام الأسلحة النووية بعد الحرب العالمية الثانية مباشرةً. كان المشروع الأمريكي الشهير "مانهاتن"، الذي بدأ في عام 1942، هو الأكثر شهرة ويعد الخطوة الأولى نحو تطوير القنابل الذرية. تحت إدارة الجنرال ليمان سنغز ودعم الرئيس روزفلت، عمل آلاف الباحثين لسنوات متواصلة لإنتاج أول قنبلة ذرية ناجحة تم اختبارها في موقع تسمساياما في اليابان في يوليو 1945.
بعد الضربة المدمرة للقنابل الذرية على هيروشيما وناجازاكي، أصبح واضحاً للجميع القدرة الهائلة التي تحملها الطاقة النووية وكيف يمكن توجيهها بطرق سلمية أيضاً. ومن هنا جاءت فكرة استخدام الانشطار النووي لتوليد الكهرباء بشكل تجاري وهو ما أدى لاحقًا إلى بناء محطة براوري بوينت للطاقة الحرارية النووية في المملكة المتحدة عام 1956 والتي تعتبر المحطة الأولى من نوعها. ومع مرور الوقت، توسع الاعتماد العالمي على مفاعلات الطاقة النووية باعتبارها مصدر موثوق وآمن نسبيًا للطاقة.
اليوم، رغم الجدل الدائر حول سلامة ومخاطر الطاقة النووية، فإن معظم الدول المتقدمة مازالت تتبني تقنياتها ومدعومة بحماية أقوى للمواقع والمواد المستخدمة لمنع الانتشار غير القانوني والتلوث البيئي. تبقى قصة نشأة الطاقة النووية شاهدة على قوة التفكير الإنساني البشري واتجاهه المستمر لاستكشاف حدود المعرفة والابتكار لتحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً وإضاءة.