تتمتع سوريا بتاريخ طبيعي طويل وتنوع بيئي مميزان يعكسان عبر مجاري نهريها العذبة التي تشكل جزءاً أساسياً من هويتها الجغرافية والثقافية الغنية. تعدّ الأنهار في هذا البلد العربي الواقعة بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصدر حياة أساسي للسكان المحليين منذ آلاف السنين؛ فهي تغذي الزراعة وتوفر المياه لسقي الحقول وتوليد الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى دورها السياحي الكبير كمعلمٍ ثقافي واجتماعي بارز يجمع القرى والمدن والسواحل السورية تحت مظلة واحدة. وفيما يلي نظرة عامة لبعض أشهر هذه الأنهر وأثرها التاريخي والحضاري:
- نهر الفرات: يعدُّ أحد أهم الأنهار العربية، ليس بسوريا فقط بل أيضا بالمشرق العربي بشكل عام. ينبع من تركيا ويبلغ طوله حوالي ١٧٩٨ كيلومتر قبل دخوله مياه الخليج العربي. تمر منه عدة مدن سورية رئيسية مثل الرقة ودير الزور بالإضافة لحمص وحماة فيما يعرف الآن بالجزيرة السورية. كان للفرات دوراً محوريَّا خلال الفتوحات الإسلامية حيث مر بالقرب منها مسارات جيوش المسلمين أثناء فتح الشام. كما ورد ذكره في العديد من الآيات القرأنية بما فيها سورة هود والتي تؤكد دوره الهام كمصدر مائي عظيم ومورد تنمية زراعية وفلاحة مزدهرة للأجيال المتعاقبة.
- نهر العاصي: رغم صغر حجمه نسبيًّا مقارنة بنظرائه الأكبر حجماً إلا انه له مكانته الخاصة لدى السكان السوريون الذين اعتبروه رمز الوحدة والترابط الوطني. يأتي اسمه نسبة لعاصمة البلاد دمشق المعروفة باسم "دمشق القديمة" عند الرومان القدماء الذين سماها بالعاصي نسبة لنبات العصا البرية الذي نما بكثافة بجوار ضفاف النهر مما جعل منه ملاذا للحياة البرية والأحياء البحرية أيضًا نظرًا لمياهه الصافية والممتلئة بالأكسجين. وقد اتخذ موقع مدينة حمص الاستراتيجي قربه لبداية رحلتها نحو ازدهار تجاري واقتصادي هائلين أثرت فيه كثيرا أعمال بناء سد حرستا الشهير والذي حول جريانه الطبيعي لكن بطريقة فعالة لتوفير الاحتياجات اليومية للمدن المجاورة وعلى رأسها العاصمة نفسها.
- نهر العُربي: يشترك مع مهد التاريخ المصري المُفترَض وهو مصر الفرعونية القديمة وفق بعض التأويلات العلمية الجديدة حالياً بأنه المنبع الافتراضي للنيل قبل انشقاقه شرقا وغربا باتجاه بحيرة ناصر ثم القاهرة متبعاً امتداداته الطويلة حتى مصبه الأخير عند فم الدلتا المصرية قرب بحر الأدرياتيك وبحر إيجة جنوب غرب آسيا الصغيرة. أما بالنسبة لسوريا فقد حمل عربيون قديمون تسميته المستمدة ربما لكثرة شجر المر والعروق الموجودة بمحيطيه الخارجيين ضمن تضاريس جبل العرب الجنوبي وجبال حوران المرتفعتين نسبيا عنه بشمال المملكة الأردنيـة الهاشمـيّة المجاورة لها مباشرةً بغرب الصحراء العربية الشمالية. ولعل ذلك التشابه البارز يخفي سر ارتباط غير مباشر بالحقب البدوية المبكرة للحجاز والشام حين كانت خطوط المواصلات التجارية تربط تلك المناطق باستمرار بخيوط الرحلات الموسمية البحريــة والجويــة المشتركة آن ذاك.
- نهر بردى: يقصد بهذا الاسم أحد ثلاث منابع رئيسية تقع داخل حدود دولة الجمهورية اللبنانية ويمكن تتبع جذور تراثها الساحلية شمالاً باتجاه مدنة صور اللبنانية ذات الاثر الفينيقي القديم ومعقل الإسماعيلية بعد ذلك بصعيد لبنان الشرقي قليلاً للوصول بالنهاية الى منطقة برزة ومنطقة حرستا كذلك شرقي ريف دمشقية والتي بدوره ترتبط تاريخيًا وظيفيا بوسائل نقل معقدة أدت لإعادة تأهيله وإصلاح تدفق مياهه سابقا وذلك منذ القدم واستمرارا حتى وقتنا الحالي خاصة وأن له تأثير كبير جدا علي إنتاج الثروات النباتيه والثمار وزروع الحمضيات وغيرها الكثير مما يساعد مجتمعاتها الريفية المحيطة بها اقتصاديا وعائليا بشكل ملحوظ للغاية خصوصا حين تحرير اراض قريبة من مناطق انتشار مخلفات الحرب الأخيرة وما نتجت عنها من مشاكل اجتماعية ونفسيه عقب خروج القوات المنتشرة هناك خارج سيادة الحكومة المركزيه المركزيه مستقبل كل جوانب الحياة الحكوميه المدنيه فيها .
ختاما، يحكي لنا تاريخ الدول أنها ليست مجرد تجمعات سكان وانما هي وجود تاريخي عميق الجذور تمتزج فيه الثقافات والاديان والعادات والتقاليد ، وهكذا تبدو قصة الأنهار السورية وكأنها لوحة فسيفساء تعكس ثراء الوطن وتعكر صفوه بسبب الظروف السياسية مؤخرا ولكن يبقى شعبه متمسكا بتراثه المجسد بريفه وساحله ووحدتهم الوطنية المتينة مهما اختلفت توجهات افراد الشعب وطوائفة افراده دينيا وعرقانيا فالجميع يسعى لتحقيق عداله واغاثة محتاج وصيانة امن وطن انساني بحسب ما قدر الله سبحانه ومقتضى قضائه وقدره لكل فرد حسب رؤيتنا العقائديه العقائد الاسلاميه بالتحديد..