تعد دراسة إعراب الجملة جزءاً أساسياً من تعمق فهم بنية اللغة العربية وسلاستها. ولكن هناك بعض الجمل قد تبدو غريبة بسبب عدم وجود محل واضح لإعراب كلماتها. دعونا نتعمق في هذا الموضوع مع أمثلة توضيحية.
- "ما زالَ القمرُ يلمعُ". هنا، كلمة "زال" ليست مرفوعة لأنها فعل ماض مبني للمجهول، ولا تحتاج إلى علامة رفع. وكذلك الأمر بالنسبة لـ"يلمع"، فهو مضارع مرفوع وعلامته الضمة الظاهرة على آخره. أما الفاعل "القمر"، فإنه نائب فاعل للفعل "يزال"، وهو يعمل عمل الفاعل فيرفع اسمه بحكم أصله.
- "إنَّ الدرسَ مفيدٌ". في هذه الجملة، "إن" حرف تحقيق ونصب، وتعمل على نصب "الدرس". كلمة "مفيد" خبر إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. لاحظ أنه لم يتم ذكر مكان محدد للإعراب لهذه العبارات، لكن يمكن استنتاج موضع كل منها بناءً على قواعد النحو العربي.
- "كان الغدُ مشرقًا". الكلمة الأولى بعد "كان" هي اسم كان المفرد المُعرَّف؛ إذ يُشابه اسم كان المضارع المضبوط بالواو فيما يحذفه من التنوين عند التعريف والمفردية. لذا، تُعتبر "الغد" مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. بينما يُنعت بها الخبر "مشرقا"، وهو صفة مُسنونة مبنية على الفتح في الأصل، وبالتالي فهي أيضًا مرفوعة وظاهر عليها علامتها.
- "ليس الطالبُ مجتهدا". مشابهة لجملة الاسمية السابق ذكرها، إلا أنها تتضمن النفي باستخدام "ليس". تعمل "ليس" على نفي ما قبلها فتجعل منه مرفوعا بالنظر إليها، ويكون "الطالب" اسم ليس مرفوعا وعلامة رفعه الضمة ظاهرة عليه أيضا. وعلى الجانب الآخر، تعد الصفة المنفية -أي المؤكد نفيها عندما يأتي فيها تأكيد مثل كلمة 'مجنون'- تكون منصرفة ويمكن التأكد من ذلك عبر تحويل التركيب للنفي المطابق له بدون الحاجة لتأكيد النفي، وستكون محفوظة حينذاك لنفس حالة الإعراب كما كانت سابقاً. ولذلك فإن عبارة "مجتهداً" ستبقى مصروفة وفي حالتها المعرب عنها بالألف لأنه جمع مؤنث سالم عائد للفاعل الذي سبقه والتي هي هنا اسم المصدر المجزوم والمعرب جرّا باسم مزيدٍ.
هذه الأمثلة تساعد بشكل كبير لفهم كيف يمكن للجمل البسيطة والأكثر شيوعا أن تحمل باستمرار خفايا أكثر عمق وتفردا حول كيفية تطبيق قواعد نحوية متقدمة داخل تركيباتها الواضحة وغير المعلنة من الناحية الإعرابية التقليدية!