تعتبر الفلسفة الوجودية واحدة من أكثر الاتجاهات الفلسفية تأثيراً وتناقشاً منذ ظهورها في القرن العشرين. ليست مجرد حركة فكرية عابرة, بل هي استجابة عميقة للأحداث التاريخية والثقافية التي شكلتها وانتجتها. جذور هذه الحركة تعود إلى مجموعة معقدة ومتنوعة من التأثيرات الثقافية والفكرية.
بدأت بوادر الوجودية في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كاستجابة للثورات الاجتماعية والسياسية والدينية التي هزت أوروبا آنذاك. كان القلق الدائم حول طبيعة الإنسانية ووجود الإنسان هو المحرك الرئيسي لهذه الحركة. الكتاب مثل Søren Kierkegaard وFriedrich Nietzsche قد ساهموا بشكل كبير في وضع أساسيات الفكرة الوجودية قبل ظهورها الرسمي خلال الحرب العالمية الأولى.
بعد فترة الصمت الفكري أثناء الحرب، ظهر مفهوم الوجودية بصورة واضحة ومباشرة على يد جان بول سارتر وآلان برتراند. لكن هذا لم يكن فقط نتيجة مباشرة لأحداث العالم الخارجي؛ فقد كانت أيضاً رد فعل ضد ما يطلق عليه "الفلسفات المثالية"، والتي ركزت كثيرا على الأفكار العامة والمبادئ الجامعة بدلاً من التركيز على التجربة الشخصية والخيارات الحرّة للإنسان.
ركزت فلسفة سارتر وبيرtrand على أهمية اختيار الفرد وإرادته الحرة وكيف يمكن لهما تشكيل الواقع الخاص بكل شخص. لقد اعتبرا الإنسان موجودا أولاً ثم يحاول بعد ذلك تعريف نفسه بالاختيار والمعرفة. هذه النظرية المعروفة باسم "الإكسستينtialism"، تعتبر الشخص مسؤولاً أخلاقياً عن حياته ويجب عليه اتخاذ قراراته بنفسه دون انتظار توجيه خارجي.
بالإضافة لذلك، أثرت الدراسات النفسية لسيكولوجيين مثل كارل يونغ وسيمون فيليبس وودوارد بشدة على تطوير أفكار وجودية جديدة تبحث في العمق النفسي للشخص والعلاقة بين الغريزة والنفس البشرية.
في المجمل، فإن تاريخ الفلسفة الوجودية ليس مجرد سرد لتطور الأفكار، ولكنه يرسم صورة حقيقية للتحديات والتغيرات المجتمعية التي واجهتها أوروبا الغربية خلال قرن مضطرب. إنها دعوة لفهم الأعماق الداخلية لكل فرد وكيف يعيش حياته ضمن نطاق محدود من الاختيار والحكومة الذاتية.