تُعدّ الألف اللينة جزءًا هيكليًا مهمًّا في بنية الفعل العربي؛ فهي تطرأ عادةً على نهاية بعض الأفعال لتؤثّر بشكل كبير على دلالتها ومكانتها النحوية داخل الجملة. يمكن تقسيم هذه الألف إلى قسمين رئيسيين هما: ألف الاستفهام وألف الأمر النائبة عنه، بالإضافة لأمثلة أخرى مثل "فعلوا" و"أكرم". سنتناول هنا شرح مفصل لكل نوع مع توضيحات واستخدامات عملية لدعم فهم القارئ لهذه الظاهرة النحوية الجميلة والفريدة.
- ألف الاستفهام: تأتي هذه الألف بعد فعل مضارع لطلب معلومات حول أمر ما, وتكون مؤلفة غالبًا من كلمتين اثنتين هما اسم زائد مستتر تقديره هو والفعل المضارع المتصل به بالألف بحكم الأصل نحو: *هل يدرس الطلاب الآن* . مثال آخر عليها قوله تعالى ﴿وَكَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهِمَا طَوْرًا مِّن قَبِيلِهِ فِي صُحُفٍ مُّبَشِّرَةٍ﴾ [الأنبياء :78] فالاستفهام هنا بلاغياتي ليظهر شدّة حزن النبي موسى عليه السلام وخوفه العميق بشأن عدم مجيء أخيه هارون له كما وعداه بذلك سابقاً عند سفرهما لإعادة بني إسرائيل للحق طريق الحق والخير بعد فترة طويلة من الضلالة والبعد عن الطريق الصحيح بسبب فرعون وجبروته وعصيان الشعب لهم. أما بالنسبة للأسلوب فقد جاء بصيغة سؤال ولكنه استعمل لغرض التأكيد والإخبار وإنكار وقوع المحذور وليس طلب معرفة الحقيقة لأن الرسول موسى يعلم جيداً أنه رحل تاركاً شقيقه خلفه لكنه قصد بهذا الإرسال تعبير عن مدى حرصه الشديد وحسن نيته فيما فعله تجاه اخوه العزيز وهذه إحدى خصائص اللغة العربية الرائعة التي تستخدم فيها الكلمة الواحدة مدلولات متعددة حسب السياقات المختلفة للجمل والعبارات المستخدمة بها.
- ألف الأمر النائبة عنها: يستخدم العرب أيضًا حرف أل التعريف بدلاً من ألف الاستفهام قبل الفعل المسند للمبتدأ إذا كان هذا الأخير مثنى أو جمع تصغير وقد ذكر ذلك القرآن الكريم حين قال ﴿بل يدعون غير الله والشيطان يخلقون لهم التماثيل﴾[النحل:50]. ونلاحظ هنا اختلاف شكل الفعلان المستخدمان بناءً على تعدد الأشخاص المُشار إليهم إذ اتخذ كل منهما صورة مختلفة وفق قاعدة نحوية معروفة وهي مساواة المفرد بالتثنية والتذكير والتأنيث والمفرد المؤنث بالجمع الغائب المذكر وغير ذلك مما سبق بيانه آنفا بما يناسب حاجتنا لإيجاز الكلام قدر الطاقة وبذلك نكون قد قدمنا نظرة عامة شاملية حول طبيعتها ودواعي ظهورها وما لها وما عليها عالميًا وعبر مختلف مدارس البحث اللغوي القديم والمعاصر سواء لدى علماء البلاغة المقارنة أم صرفيو الأكاديميون الحديثيون المنتمون لجماعة البحوث التاريخية والدراسات الوصفية الحديثة والتي تسعى لاستخراج قوانين ثابتة للتعبير بلغات الشعوب عبر حقبات عديدة ابتداءً بالعصور الفرعونية وانتهاء بمراحل تطور المجتمع الحالي تكنولوجيًا وثقافيًا وفكريًا رغم تفوق الآخرين بناحية واحدة ولكن تبقى همتهم عالية وسعيهم مكثف لنيل الريادة فلربما وفي يوم سوف يحظى العالم الإسلامي برعاية خالق الأرض والسماوات ويصبح قائدا للعالم الإنساني عموما ويتبوأ مكانة سامقة بين الأممم الأخرى إن صدقت نواياه وصفت محاولتها وغمرت قلوبه خالص إيمان صادق وصلاته دائمة لله رب العالمين وهو نعم المولى ونعم النصير... آمين يا رب العالمین!
