يعدّ الأسلوب الإنشائي أحد روافد الأدب العربي الغنيّة التي تعكس مواهب الكتاب ورؤاهم الفكرية والعاطفية. يهدف هذا الأسلوب إلى نقل الأفكار والمواقف الشخصية بشكل غير مباشر عبر استحضار المشاعر والتعبير عنها بطريقة فنية رفيعة. وفيما يلي بعض الأمثلة البارزة للأسلوب الإنشائي وما يندرج تحته من أنواع وموضوعات مختلفة:

1. الوصف: يُعتبر الوصف أداة أساسية في الأسلوب الإنشائي، حيث يستخدم الكاتب اللغة لتصوير مشهد ما أو شخصيات معينة بإسهاب دقيق. مثال ذلك وصف الطبيعة الخلابة في قصيدة "البردة" لأبو الطيب المتنبي:

النور يسطع في سماء الليل المظلمة كالشفق بعد غروب الشمس، والأرض تتفتح بتلاتها الزهرية تحت دفء الشمس الحانية.

1. التعبير العاطفي: يتميز هذا النوع بالتركيز على مشاعر الكاتب الداخلية وتجاربه الشخصية. يمكن ملاحظة ذلك في مقطوعة "أشعار النيل" للشاعر أحمد شوقي عندما يعبر عن حبه لوطنه مصر:

في كل حرفٍ من اسمك يا نيلَ أرى عمقَ روحِ أمِّي وأحفظهُ في قلبي.

1. الخطاب: يشمل استخدام خطاب غير موجود فعليا لإيصال رسالة معينة. مثاله واضح في كتاب "القوافي الزاهرة للشعر الوافر" لأحمد بن علي بن محمد بن عبد الله المنشاوي، حين يخاطب نفسه قائلاً:

يا نفسُ! هل لك من سبيل إلى رضا المحبوب؟ أم هو القدر قد أغلق أبوابه أمام طموحاتي؟!.

1. الاستطراد: وهو توسيع الموضوع أو الاسترسال فيه بما لا يخل بالنظام العام للمقال أو القصيدة. تجسد الرواية العربية الكلاسيكية "علاء الدين" للكاتب اللبناني خليل اليازجي جانباً من هذا النهج عند تصوير رحلة علاء الدين نحو مغامراته المثيرة عبر دهاليز القصر المخفية:

تناهى صوتٌ كالهدير، واهتزت الأرض تحت قدميه... بدأت الرحلة نحو عالم مليئ بالمجهول.

1. الحوار الداخلي: وهو حديث الذات مع نفسها ويظهر عادة بصورة اعتراضات داخلية أو نقاشات ذهنية سرية بين الشخصيات. مثل هذه الحالة واضحة جداً في مسرحية "الغربال" لتوفيق الحكيم أثناء تواجد الزوجة وجلال المناضل السياسي وحيداً معاً:

(لت نفسها) - ماذا أفعل الآن؟ كيف أتعامل معه وكيف أشرح له موقف زوجي الصعب؟!.

1. الرثاء: يعد الرثاء نشاطا أساسياً آخر ضمن مجموعة أدوات الكاتب الإنشائية، حيث يؤرخ للحزن والفقدان المؤلم بسبب وفاة الأحبة أو فقدان الأشياء الثمينة لهم وللحياة الاجتماعية والثقافية جمعاء كما ظهر جليا في قصيدة "العصر الجميل" لكلود برنار ليفي:

على رفوف العمر القديمي ذكرياتكم باقية ترنو بي إليها وتعزز، تستقي حياتي منها الحياة؛ فلا تغتالوها بغدر الدهر المديد.

إن فهم واستخدام مختلف جوانب الأسلوب الإنشائي يساعد المؤلفين العرب الحديثين والحاليين على إبداع أعمال شعرية وروائية وبلاغية مؤثرة تنقل القراء إلى عوالم روحية وحسية خصبة وغنية بالإيحاءات والاستعارات الفريدة لفنونهم الخاصة بهم والتي تشكل جزءاً أصيلاً من تاريخ وفلسفة الثقافة الإنسانية العالمية أيضًا وليس فقط الأدب المقروء عربياً وحديثاً ومتجدداً باستمرار.