يُشكل العصر الطباشيري المتأخر، الذي يمتد بين حوالي 99 و66 مليون سنة مضت، فترة مهمة للغاية في تاريخ الأرض. خلال هذه الفترة الزمنية الحاسمة، شهد العالم سلسلة من الأحداث الجيولوجية والتطور البيولوجي التي شكلت بشكل كبير الحياة على الكوكب كما نعرفها اليوم.
بدأ هذا العصر بتغير المناخ الدافئ والمستقر نسبياً الذي ساد سابقاً، حيث بدأت درجات الحرارة العالمية تتراجع تدريجياً نتيجة لتقلبات كبيرة في دوران القارات وانعكاسات المجال المغناطيسي للأرض. أثرت هذه الظروف الجديدة على النظم الإيكولوجية وعلى الأنواع الحيوانية والنباتية الموجودة آنذاك.
واحدة من أكثر اللحظات شهرةً في نهاية العصر الطباشيري هي حدث الانقراض الجماعي الكبير المعروف باسم "الانقراض اللاحق للعصر الطباشيري". يُعتقد بأن هذا الحدث قد تم بسبب اصطدام كويكب ضخم بالأرض قبل نحو 65 مليون عام تقريباً، مما أدى إلى موجة هائلة من الغبار والحمم البركانية التي غطّت معظم سطح الكوكب وساهمت في خلق ظروف غير ملائمة للحياة بالنسبة للعديد من الكائنات.
بعد هذا الحدث المدمر مباشرةً، بدأ نوع جديد من الحياة بالتبلور - عصر الهولوسين المبكر. ومع ذلك، فإن التأثيرات النهائية لحدث الانقراض لم تظهر إلا بعد مرور آلاف السنين؛ فقد أتاحت تلك الفوضى الفرصة للمجموعة الصغيرة الباقية من الثدييات لاستعادة توازن النظام الإيكولوجي وإطلاق مرحلة جديدة مليئة بالتنوع والاستقرار.
إن دراسة العصر الطباشيري المتأخر ليست فقط مسعى أكاديميًا فحسب، بل إنها أيضًا مفتاح لفهم كيفية استجابة الطبيعة للتغيير وهو أمر بالغ الأهمية لهذه الحقبة الحديثة الأكثر اضطراباً والتي نواجه فيها تغييراً مستمراً.