ولد المهندس الرئيسي لإعادة تشكيل مصر، محمد علي باشا، في العام 1769 ميلادية في مدينة ساحلية صغيرة تسمى كافالا والتي تتبع حاليًا اليونان ضمن حدودها الجغرافية. رغم ظروف نشأته المتواضعة كمزارع صغير لتبغ لأبيه، إلا أنه ازدهرت فيه روح الشجاعة والإقدام منذ سن مبكرة جدًا. تمت ملاحظة موهبته ودراسته المكثفة للعسكرية من قبل السلطات التركية العثمانية آنذاك مما أدى إلى تعيينه في منصب مهم داخل الفرقة العسكرية المسؤولة عن استعادة السيطرة على مصر من القوات الفرنسية الغازية. أثبت براعته وتفانيه خلال تلك الفترة ليصبح أحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في المنطقة.
في العام 1805، أصبح حكم محمد علي رسمياً عندما تم تكريمه بدور "باشا" - وهو اللقب الرسمي لقادة المقاطعات ذات الحكم الذاتي الكبير في الدولة العثمانية حينذاك. ومن هنا بدأ رحلة تحويل واسعة النطاق لمختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر. أولويتيه الأولى كانت إعادة هيكلة الجيش المحلي وتجنيد الجنود من جميع الطبقات الاجتماعية بما فيها الفلاحين الذين كانوا يعملون سابقًا في الزراعة فقط. وهذا جعل النظام العسكري أقوى بكثير وبالتالي عزز الأمن الداخلي بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، يحسب له دوره الحيوي في ثني الهجمات الخارجية سواء أكانت ضد بريطانيا أم قبيلة المماليك الشهيرة المعروفة أيضًا باسم "الباشاوات". اتسمت فترة حكمه بالحزم والصبر والحكمة. فقد عمل على تطوير نظام ضريبي فعال وفعال للغاية ساهم في زيادة كبيرة في دخله الحكومي. توسعت السوق الدولية للقماش المصري خلال عهده بسبب منتجه المتميز والمطلب العالمي عليه والذي ساعد أيضا الاقتصاد الوطني بطريقة مباشرة وغير مباشرة عبر خلق فرص عمل جديدة وتحسين العلاقات التجارية العامة.
لا يمكن نسيان إسهاماته الخلاقة الأخرى في مجالات البنية التحتية والتعليم. قام بإعادة تأهيل قنوات الري التاريخية واستخداماتها بالتزامن مع مشروعه الرائد لبناء بنية تحتية وطنية متكاملة تضمنت طرق نقل مبتكرة وكفاءة عالية. علاوة على ذلك، لم يغفل أهمية التربية والتقدم العلمي حيث شرع بإدخال تعديلات جوهرية للنظام التعليمي التقليدي واستثمار قدر هائل من الأموال الحكومية لدعم البحث الأكاديمي والعلمي الحديث.
توفي الأمير المؤثر والمعروف عالميا بحكمته وحنكته السياسيتين عام ١٨٤٩ تاركا خلفه بصمة واضحة لن يمحوها الدهر وهي علامة مميزة لمنطقة الشرق الأوسط بأسره بتكوين دولة حديثة شرق البحر الأبيض المتوسط يتميز اقتصادها بالقوة وتعافيها السياسي المستقر والثابت عبر قرون طويلة وما زالت تنمو وتستمر تقدمًا نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة تستمد جذوره بفخر وثبات من أسسه الرخيمة الراسخة والموثوق بها والتي باتت جزء أساسي من تاريخ الإنسانية جمعاء ولذلك يعد اسم محمد علي رمز لفخر وحماس يقابل كل ذكرى ليوم استقلال بلاده الوطنية لما حققه لمصر وللمنطقة برمتها بخلاف ما انجزه الآخرون مجتمعين فيما سبق!