في ظل عمله الفذ "الأيام"، يقدم طه حسين رؤية فريدة ومفصلة حول العديد من القضايا الثقافية والاجتماعية التي كانت سائدة خلال حياته وفي العصر الذي عاش فيه. هذا الكتاب، الذي يعد واحداً من أهم الأعمال الروائية في الأدب العربي الحديث، يشكل نافذة مثالية للنظر إلى الماضي وتقييم الحاضر. يتناول طه حسين مجموعة متنوعة من المواضيع المحورية، والتي تشمل التعليم والتقاليد المجتمعية والعلاقات الإنسانية والدور الاجتماعي للمرأة وغيرها الكثير.
يتناول الفصل الأول من الكتاب قضية التعليم ومدى تأثره بالتقاليد الدينية والثقافية. يركز طه حسين بشكل خاص على تعليمه الخاص وكيف أثرت عليه البيئة الصحراوية المصرية والأحكام التقليدية المتعلقة بالتعليم بين الرجال مقابل النساء. هذه القضية ليست فقط موضوعاً حساساً ولكنه أيضاً انعكاس واضح لتحديات التحول نحو عصر أكثر تقدماً وأكثر علمانية.
وفي الجزء الثاني، يناقش المؤلف العلاقات الاجتماعية والمكانة الاجتماعية للأفراد بناءً على خلفياتهم الاقتصادية والثقافية. هنا يستعرض حياة الشخصيات المختلفة ويصور كيف يمكن لهذه الخلفيات أن تؤثر على فرصهم ونظرة المجتمع إليهم. هذا الجانب يعكس تحديات الطبقية الاجتماعية والفوارق الاقتصادية التي مازالت مستمرة حتى اليوم.
بالإضافة لذلك، يقوم طه حسين بدراسة دور المرأة في المجتمع المصري القديم والحديث. فهو ليس فقط يسجل قصص الشخصيات النسوية بل يؤكد أيضًا على المكانة المهمشة غالباً للمرأة داخل البنية الاجتماعية التقليدية. هذا جانب مهم لأنّه يعرض لنا الصورة غير المكتملة تاريخياً لنساء المنازل والمعرفة العمياء بحياة كثير مما ساهموا به.
وبالتالي فإن كتاب "الأيام" ليس مجرد سرد حيوي للتاريخ الشخصي لطه حسين ولكنه أيضا تحليل عميق لقضايا اجتماعية وثقافية ما زالت ذات صلة حتى يومنا الحالي.