تُعدّ "مدرسة براغ"، التي ازدهرت خلال القرن العشرين، واحدةً من أهم الحركات الفلسفية والثقافية داخل أوروبا الشرقية. سميت بهذا الاسم نسبة إلى العاصمة التشيكية، وهي تشكل نقطة تحول رئيسية في تاريخ الفكر الغربي الحديث. بدأت هذه المدرسة كرد فعل ضد الطرق التقليدية للتفكير، خاصة تلك المرتبطة بالماركسية والفوضوية الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى.
تميزت مدرسة براغ بفلسفتها الذاتية النقدية الشديدة والتي ركزت بشكل أساسي على الحرية الشخصية والإنسان كمركز للحياة الاجتماعية والثقافية. قاد مجموعة المفكرين الذين شكلوا نواة المدرسة كلٌّ من كارل شوبنهاور وإرنست كاسيرر وجون ليبارتوني وخوسيه أورتيجارثا إي غامبلا، وغيرهم ممن أثروا بحماس كبير في الأجواء الأكاديمية والمؤسسات الثقافية آنذاك.
كان لـ "الفردانية" دور بارز ضمن تأملات مذهبية براغ، حيث أكدت على القيمة غير المقيدة للإرادة الحرة البشرية. وقد أدى هذا التركيز إلى ظهور رؤى جديدة حول الطبيعة الإنسانية والعلاقة بين الفرد ومحيطه المجتمعي. كما سلطت الضوء أيضًا على دور الأدب والقيم الجمالية في فهم العالم وتفسيره.
بالإضافة لذلك، سعى المشروع الفكري لبراغ نحو توسيع نطاق التفكير الأخلاقي لتشمل جوانبه النفسانية والنظرية السياسية، بما يشمل العلاقات الدولية والديمقراطية الليبرالية الحديثة. وبالتالي فإن مبادرات وفلسفات مدرسة براغ تركت بصمة عميقة ليس فقط في عالم الفكر المحض بل امتدت لتؤثر حتى الآن على مجالات متعددة مثل السياسة والأدب وعلم الاجتماع. إن الإرث الثري لهذه الفترة الزمنية يظل مصدر إلهام مستمر لفلاسفة عصرنا الحالي وعلماء اجتماع وصناع سياسة حول العالم.