حضارة آشور، التي ازدهرت بين القرنين الثالث عشر قبل الميلاد والسادس قبل الميلاد، هي واحدة من أكثر الحضارات القديمة شهرة وتأثيراً. هذه الدولة التي كانت مركزها في شمال العراق الحاليّ تركت بصمة عميقة ليس فقط عبر حدودها الجغرافية ولكن أيضا في التاريخ العالمي والحضارات لاحقة لها.
من الناحية العسكرية، كان الأشوريون معروفون بإعداداتهم الاستراتيجية المتقدمة واستخدامهم الفعال للتقنيات المحسنة للأسلحة والدروع. كان الجيش الملكي الاشوري يمتلك قوة هائلة بفضل استخدام الخيل والمعرفة الهندسية للتخطيط للحروب والاستراتيجيات الدفاعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام "الاستعمار"، الذي سمح لهم بتوسيع مملكتهم بشكل كبير ومستدام، يعكس ذكائهم السياسي والعسكري.
على الجانب الثقافي والتاريخي، قدمت الحضارة الآشورية العديد من الإسهامات المهمة. اللغة الآشورية-البابلية، وهي لغة سامية قديمة، استخدمتها الشعوب المختلفة في المنطقة ولم يتم فقدانها تماماً حتى يومنا هذا بسبب الأدلة المكتوبة الموجودة بكثرة. كما برزت الفنون الجميلة والتصميم المعماري خلال فترة حكم آشور؛ حيث يُظهر النحت والأعمال المنحوتة البلاط والنبل الاجتماعي المرتفع للمجتمع.
في مجال العلم والكُتاب، حققت آشور تقدماً ملحوظاً أيضاً. أولئك الذين يعرفون باسم "كتبة الألواح الطينية" كانوا يعملون كمسؤولي الحكومة ورجال الدين والمؤرخين. وقد سجل هؤلاء الكتاب الكثير مما نعرفه اليوم عن الحياة اليومية والثقافة والتقاليد الدينية لهذه الحقبة الزمنية الثمينة.
وأخيراً وليس آخرا، يعد النظام القانوني الآشوري أحد أهم إنجازات تلك الفترة الزمنية أيضًا. قوانين حمورابي الشهيرة ليست مجرد رمز لاستقرار سياسي واقتصادي داخلي بل إنها تلقي الضوء على الحرص الشديد والاهتمام بالعدالة الاجتماعية ضمن مجتمع متعدد الأعراق والأديان.
بهذا القدر من التفاصيل حول القوة السياسية والعسكرية والفنية والفكرية لحضارة آشور يمكننا أن نقدر بشكل أفضل كيف أثرت هذه الحضارة الغنية بتاريخها وأبدعت أعمالاً ما زالت تحتفظ بقيمتها ومعانيها حتى الآن.