الشريف أبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد الرحمن الفارسي اللاكروني المعروف باسم "الإدريسي"، هو عالم جغرافي بارز عاش خلال القرن الثاني عشر الميلادي. ولد حوالي عام 1100 ميلادي تقريبًا في قرية نكور شمال المغرب. يُعدّ الإدريسي واحدًا من أهم الشخصيات العلمية التي أثرت بشكل كبير في تاريخ الجغرافيا البشرية. لمع اسمه بسبب مؤلفاته الشهيرة مثل كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" وخاصة خريطته العالمية "الروضة المورقة".
اشتهر الإدريسي بخبرته الواسعة والمعرفة الدقيقة بالأماكن والأقاليم المختلفة حول العالم آنذاك. كان لديه قدرة فريدة على الجمع بين الحقائق التاريخية والثقافية مع البيانات الجغرافية الدقيقة. ساعدت هذه القدرة الإستثنائية على جعل رسوم الخرائط الخاصة به أكثر دقة مما كانت عليه قبل عصره بكثير. كما ساهم في تطوير وتحديث الطرق المستخدمة لتحديد موقع الأماكن والمواقع بناءً على خطوط الطول والعرض.
يُعتبر كتاباته مرجعاً أساسياً للمستشرقين والباحثين المهتمين بالجغرافيا والتاريخ القديم. قدم وصف تفصيلي للأقاليم والشعوب الموجودة وقتها، بما يشمل الزراعة والبنية الاقتصادية والقوانين المحلية وغير ذلك الكثير. بالإضافة لذلك فإن عمله يبرز مهارة كبيرة فيما يتعلق برسم الخرائط، حيث استخدم فيها العديد من الوسائل البصرية لإبراز سمات كل منطقة وموقعها بالنسبة للآخرين.
على الرغم من أنه لم يتمكن من زيارة جميع المناطق التي ذكرها إلا أنه جمع معلومات دقيقة عن طريق الاستماع إلى روايات المسافرين الذين قضوا فترات طويلة يسافرون ويلتقون بشعوب مختلفة ويحصلون منها على معرفة متعمقة بكل مكان وزمان. وقد كتب أيضًا تعليقات وتحذيرات مهمة بشأن بعض المناطق الخطرة والتي يمكن أن تشكل تهديدا للسفن التجارية عند عبورها أثناء الرحلات البحرية الطويلة.
بشكل عام، يعد عمل الشريف الإدريسي مصدر ثرى وغني بالمعلومات ليس فقط للتاريخ الأوروبي ولكن أيضا للعالم الإسلامي ككل نظرًا لأثر دوره الكبير في مجال دراسة الأرض والجغرافية العامة منذ تلك الفترة حتى يومنا هذا.