تحليل سورة الإخلاص: دراسة بلاغية

تعد سورة الإخلاص، رغم قصرها، من أعمق السور القرآنية دلالة. تبدأ السورة بفعل الأمر "قل" (١)، مما يشير إلى أهمية تبليغ ما بعده واعتناقه. ثم يأتي ضمير ال

تعد سورة الإخلاص، رغم قصرها، من أعمق السور القرآنية دلالة. تبدأ السورة بفعل الأمر "قل" (١)، مما يشير إلى أهمية تبليغ ما بعده واعتناقه. ثم يأتي ضمير الشأن "هو" (٢)، الذي يدل على الاختصاص، أي أن الوحدانية المطلقة لا تليق إلا بالله وحده.

في الآية الثانية، يصف الله نفسه بأنه "الصمد" (٣)، وهو الذي يُقصد في الحوائج دائماً. هذا الوصف ملازم له، ونلاحظ أن الخبر أفاد فائدة معلومة بالضرورة، فكيف بمن يملك مقادير كل شيء إلا يحتاج إليه جميع الناس؟!

ثم ينفي الله عن نفسه النظير والمثيل، فهو لم يلد ولم يولد (٤)، لانعدام مجانسته. كما نلاحظ أن لفظ "لم" جاء ليدل بالنفي القاطع الجازم على هذا المعنى الثابت.

في الآية الرابعة، يؤكد الله المعاني السابقة بألفاظ أخرى مغايرة، فأتى بنفي المكافئ والمثيل مرة أخرى بلفظ "لم" والفعل المضارع "يكن"، الذي يدل على الثبوت والاستمرار. كما جاء بلفظ "أحد" لنفس الجنس، أي لنفي أي جنس من المخلوقات أن يكون له مكافئ أو نظير أو مثيل.

تبدأ السورة وتنتهي بأوصاف لا تليق إلا بالذات العلية سبحانه وتعالى، مثل الوحدانية والصمدية والفردانية المطلقة. كما ورد الفعل المبني لما لم يُسمَّ فاعله "يولد" للدلالة على نفي الوالد عن الله.

وتتميز الفاصلة القرآنية في سورة الإخلاص بالتناسب، حيث ختمت كل آية بحرف الدال، مما يضفي روعة على النسيج العذب الذي نزل من حكيم عليم.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات