التحول الأخضر: التحديات والفرص أمام الدول العربية

في ضوء التعهدات العالمية لمكافحة تغير المناخ وتنفيذ اتفاقية باريس، يقف العالم العربي عند مفترق طرق حاسم. إن التحول نحو اقتصاد أكثر خضرة ليس مجرد ضرورة

  • صاحب المنشور: أريج القروي

    ملخص النقاش:
    في ضوء التعهدات العالمية لمكافحة تغير المناخ وتنفيذ اتفاقية باريس، يقف العالم العربي عند مفترق طرق حاسم. إن التحول نحو اقتصاد أكثر خضرة ليس مجرد ضرورة بيئية؛ بل هو أيضًا فرصة للازدهار الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. إلا أن هذا الانتقال يتطلب معالجة العديد من التحديات الفريدة التي تواجه المنطقة، بما في ذلك الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري، والنقص الشديد في الطاقة المتجددة، والحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة للقطاعات الرئيسية مثل الزراعة والمرافق العامة والنقل.

إن تحدي تعزيز الاستدامة البيئية في حين تحقيق النمو الاقتصادي أمر بالغ الأهمية للدول العربية. فالسعي لتحقيق "التحول الأخضر" يعني زيادة استخدام المصادر المتجددة للطاقة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتعزيز الحفاظ على الطبيعة. وبينما تمتلك بعض البلدان العربية موارد كبيرة من طاقة الرياح والشمس، فإن توظيف هذه الثروات يمكن أن يساعدها في تقليل انبعاثاتها وخفض تكلفة الكهرباء لجمهورها. وفي الوقت نفسه، فإن استثماراً أكبر في تكنولوجيات المياه الذكية وإدارة الصرف الصحي يستطيع تحسين جودة المياه للمجتمعات المحلية وتوفير فرص عمل جديدة لصناعات الخدمات اللوجستية والصيانة المرتبطة بها.

على المستوى الاجتماعي والثقافي، يشكل التحول الأخضر طريقًا محتملًا لإحداث تقدم كبير في مجال العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي. فعلى سبيل المثال، يمكن للشباب الذين هم الأكثر تأثرًا بتداعيات تغير المناخ -أكثر المجتمعات عرضة للتغيرات الجوية القاسية وفقدان الدخل بسبب الكوارث الطبيعية–أن يستفيدوا بشكل خاص من الوظائف الجديدة والأعمال التجارية الناشئة ضمن قطاع الانتقال الأخضر. كما قد يساهم النهج الشمولي للتحول -الذي يعطي الأولوية للاستدامة الاجتماعية جنبا إلى جنب مع الاستدامة البيئية- في مكافحة عدم المساواة وخلق شعور بالإنجاز المشترك بين جميع أفراد المجتمع.

لكن الرحلة نحو مستقبل أخضر ليست بدون عقبات. أحد العقبات الأساسية هي غياب البنية التحتية اللازمة لدعم نشر الطاقة المتجددة واسع النطاق. وهذا الأمر يدعو إلى تطوير مشاريع مشتركة وقوانين تشجع مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات تمويل خارجية دولية لتسهيل الحصول على رأس المال الضروري لهذه المشاريع الطموحة. بالإضافة لذلك، هناك حاجة ملحة لإعادة ترتيب السياسات الحكومية من أجل دعم المصالح البيئية مع مراعاة تأثير ذلك على الركائز الاقتصادية الأخرى كالنشاط التجاري والتوظيف والإنتاج الغذائي وغيرها الكثير مما ذكر سابقاً.

وفي النهاية، فإن مسيرة عالم عربي نامٍ وناجح تهدف للحفاظ على بيئته واستخدام موارده بحكمة ستكون محورية لفهم كيفية تجاوز حدود نموذج الأعمال التقليدي المعتمد حاليا حول العالم تجاه نظام متعدد الأبعاد حيث تُدمج العناصر الثلاثة –البشر والكوكب والأرباح- بصورة أكثر انسجامًا وأهداف مشتركة. ومن هنا تصبح رؤية "التحول الأخضر" واضحة بقدر أهميتها وهي مفتاح لاكتساب تنافسية مستقبلية محتملة داخل السوق الدولية بينما تعمل أيضاً كمصدر إلهام لحل قضايا التنمية المستمرة للأجيال المقبلة. ويبدو جليا بأن هذه المقولة تؤكد اهمية ايجاد حل شامل غير متحيز لمزايا المحاور المختلفة وهو ما يؤكد مرة أخرى دور الدول العربية المركزى فى رسم خارطة الطريق نحو تلك الرؤية المنشودة.


عبد العظيم بن مبارك

10 مدونة المشاركات

التعليقات