تُعدُّ الموارد الاقتصاديَّة أساسَ النمو والتطور لأي مجتمع؛ فهي القوة الدافعة وراء تحقيق الاكتفاء الذاتي واستقرار الأوضاع الاجتماعيَّة والسياسيَّة. تُعرَّف هذه الموارد بأنها كل ما يمتلكه المجتمع ويستخدمه لإنتاج السلع والخدمات التي تلبي احتياجات أفراده وتدعم اقتصاد البلاد بشكل عام. تتعدد أشكال تلك الموارد بين معادن طبيعية مثل النفط والمعادن الثمينة وأراضي زراعية ومياه وفيرة بالإضافة إلى موارد بشرية تتمثَّل في العمالة الحرفيَّة والفنيَّة المتخصصة.
تلعب الموارد الاقتصاديَّة دورًا محوريًّا في تعزيز القدرة التنافسية للمجتمع الدوليَّ، إذ يُحدِّد نوع وكيفية استخدام تلك الموارد مسار سياساتها الخارجيَّة والعلاقات التجارية والعلاقات السياسيَّة أيضًا. فالنظم الغذائيَّة الغنية والمستدامة -على سبيل المثال- تساهم في تأمين سلام وطمأنينة السكان المحليين وبالتالي تقليل احتمالية الصراع الداخلي والخارجي. كما تشكل تراكم ثروات الدولة نتيجة استغلال موارده الطبيعية مصدر قوة لها أمام الجيران الأقوياء مما يساعدها بالحفاظ على استقلاليتها سياسيًّا واقتصاديًّا.
ومن منظور أكثر بساطة، ترتبط البنية التحتية لقطاعات التعليم والإسكان والصحة ارتباطًا وثيقًا بتوافر الموارد اللازمة لتطويرها وتحسين كفاءتها وجودتها. فعندما تصبح العائدات المالية متاحة بسهولة عبر الاستثمار الأمثل للنفط مثلاً، يمكن حشد جزء منها نحو إنشاء مدارس ومعاهد علمية جديدة لاستيعاب طفرة سكانية متوقعة مستقبلًا. وهذا بدوره يعزز فرص العمل للشباب ويقلل معدلات البطالة المرتفعة حاليًا، وينتج عنه جيوش منتجة من المواطنين المستعدين لدفع عجلة الازدهار الوطني للأمام.
وفي قطاع الصحة تحديدًا، تسمح إمكانيات اكتشاف وعلاج أمراض خطرة باستخدام أدوات بحثية متقدمة بحياة المزيد من الناس وحماية سعادتهم وصحة عائلاتهم. كذلك فإن توسعات شبكات الطرق والبنية التحتيّة ذات تأثير كبير على سرعة نقل المنتوجات الزراعية والأدوية الأساسية والحصول عليها بالأسعار المناسبة وفي الوقت المناسب، وهو أمر ضروري للحفاظ على الأمن الغذائي العام ومقاومة تفشي المنشأة والكوارث البيئيّة المدمرة.
ويجب التنبيه هنا إلى أهمية إدارة استخدام الموارد بطريقة رشيدة بما يكفل عدم الإسراف والاستنزاف غير الضروري لها خلال فترة قصيرة جدًا مقارنة بفترة الاستعاضة عنها والتي قد تطول وقد تكون طويلة جدًّا حسب حالة كل مورد اعتماداً عليه. ومن ثم يأتي دور الحكومات والشركات الخاصة بالتخطيط الاستراتيجي لتحقيق ذلك من خلال البحث عن مصادر دخل متنوعة وتعزيز القدرات التقنية لدى العمال والسكان عمومًا حتى يتمكن الجميع من المساهمة الفعالة بإعادة بناء الرصيد الاقتصادي للدولة بعد انتهاء مرحلة التنمية الأوليَّة الناجمة غالبًا عن عمليات استخراج هائلة وغير منظمة لمخزون موروث تاريخياً بدون تدبير له ولا مراعاة لذلك المخزون فيما لو نفدت كميات منه قبل وقت قريب للغاية من نفاذه نهائياً لما يحدث اضطراب اجتماعي واقتصادي شديد الخطورة وإرهاقٌ لكل جوانب الحياة اليوميِّة لسكان المنطقة المعنية بكاملها بل ربما لجيران الدول المُعتمد عليهم بشدة أيضاً بسبب الاعتماد الكبير لديهم علي نفسها واحتمالات التأثر السلبي بها وبالتالي فهم يستحقون التعريفة اللائقة لحماية مصالح مواطني البر. لذا فالاستخدام المسؤول لهذه الثروات هو مفتاح تحويل الظروف الحاليَّة إلى واقع مزدهر وملء خزائن الخلافة بالأثمان الأعلى مقابل الخدمات المقدمة داخليا وخارجيا وعلى مدى عقود متتابعة إذا دارت أحداث العالم بجنوب الجزيرة العربية وفق هذا النهج الاحترافي والذي لن يؤدي بنا إلا لمنطقة ازدهار شامل قادر على جذب الانتباه العالمي إليها باعتبارها نموذجا يحتذي به سائر الشعوب الواعدة بنشوء منطقة مضيافة آمنة خصبة. وهكذا فقط سوف تتحقق رؤية المملكة الحديثة للعصر الحديث قوامها رفاه شعب سعودي ينهل من بركات أرضه الغنية بمختلف أنواع الخير والبركة المباركة لعهد جديد يحلو فيه طعم الحرية ويتحقق حلم الوحدة الوطنية تحت راية واحدة حضارية قادرة.