تحلو رائحة ومذاق الشوكولاتة بالنكهة الغنية والفاخرة التي تأتي مباشرةً من حبة الكاكاو الخام. هذه الرحلة الرائعة تبدأ بزراعة شجرة الكاكاو، والتي تنمو بشكل أساسي في المناطق الاستوائية الدافئة الرطبة حول العالم. تُجمع ثمارها الناضجة ثم يتم فصل البذور الداخلية المعروفة باسم "الكاكاو". بعد إزالة الطبقة الخارجية الصلبة، تخضع بذور الكاكاو لإجراءات معينة لتحويلها إلى الشكل النهائي للشوكولاتة المحبوبة عالميًا.
بمجرد جمع حبات الفاكهة الكاكاوية، تمر عبر عملية التجفيف للحفاظ عليها وإيقاف النشاط الحيوي للإنزيمات الموجودة داخلها. يمكن القيام بذلك باستخدام الطرق التقليدية مثل التعرض لأشعة الشمس لساعات طويلة كل يوم حتى تجف الحبات تماماً، أو استخدام آلات خاصة للتجفيف تحت ضغط ودرجات حرارة محكومة. بمجرد اكتمال هذا الجزء الأولي من العملية، تصبح الحبات جاهزة للمعالجة التالية وهي الفرن الحراري.
في فرن حراري بدرجة عالية، تستمر الحبات في الجفاف وتتعرض أيضًا لنوع من التحميص الخفيف يحول مذاقها ويخلق بعض نكهتها الخاصة قبل طحنها. أثناء عملية الطحن الأولى، تتفتت القشرة الخارجية للحبة وتعاد عجنتها مع خلطها بمكونات أخرى كالسكر وزبدة الكاكاو حسب الوصفة المرغوبة. هنا تكمن أهم مرحلتين هما تحويل الكاكاو إلى ما يعرف بـ "الفانيليا" وهو خليط كثيف وسميك نسبياً يحتوي أساسا على زبدة وشراب الكاكاو بالإضافة لمكوناته الأخرى؛ أما الثانية فهي صهر هذه العجينة وتحويلها مجدداً لمنطقة أكثر ليونة تستخدم لاحقاً لصناعة ألواح الشوكولاتة وغيره المنتجات المرتبطة بها.
بعد ذلك، تتم إضافة المستخلصات والنكهات المختلفة بما فيها الروائح والعطور الطبيعية مما يضيف عمقا فريدا لكل منتج شوكولا مصنوع يدويا والذي غالبًا ما يكون ذو نوعيات متميزة جدا مقارنة بشبه الصناعي منها. أخيرا وليس آخرا، تشكيل القطعة الأخيرة وصقلها لتظهر لنا تلك لوحات الفن الغذائي الشهيرة التي نعرفها جميعا – قطع الشوكولاتة ذات الألوان المتنوعة والأنماط المنوعة والأنسجة المختلفة أيضا!
وبالتالي فإن رحلة إنتاج شريط واحد بسيط من الشوكولاتة تعكس تعبيرا فنيا تطوريّا يعود للأصول القديمة لشجرة الكاكاو ولإتقان تقنيات الزراعة والمعالجة والحصاد اليدوي والقيمة الثقافية الهائلة لهذه الثمرة التاريخية المسؤولة جزئيا عن تقديم واحدة من أروع اللحظات اللذيذة في تاريخ البشرية - تناول وجبة شوكولاتة ممتازة بكل بساطتها وغنى طعماتها.
