الأزمات المالية هي ظاهرة اقتصادية خطيرة تحدث عندما يفوق الطلب على النقد المعروض منه، مما يؤدي لانخفاض مستويات السيولة، خاصة لدى المؤسسات المالية مثل البنوك. يمكن لهذه الأزمة أن تشمل مجموعة متنوعة من التأثيرات الاقتصادية السلبية، بما في ذلك انخفاض الثقة بين المستثمرين، ارتفاع تكلفة الاقتراض، وانخفاض قيمة الأصول. تاريخياً، عانى العديد من البلدان والأنظمة الاقتصادية المختلفة من أزمات مالية مدمرة، ولعل أشهر تلك التجارب كانت "الأزمة المالية العالمية" عام 2008 والتي تعد واحدة من أكثر الأحداث المدمرة للاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير عام 1929.
يمكن تصنيف الأزمات المالية إلى عدة أنواع بناءً على طبيعة المشاكل الجذرية التي تسببها. أول هذه الأنواع هو "أزمات العملة"، والتي ترتبط بانخفاض قيمة عملة دولة معينة بالنسبة للعملات الأخرى، مما قد يجعل الصادرات أقل تنافسية ويؤثر سلبًا على التجارة الدولية. أما ثانياً، فإن "أزمات الدين" سواء كان داخلياً (دين محلي) أو خارجياً (دين خارجي)، تعتبر مصدر خطر كبير عندما لا تستطيع الدول أو الأفراد سداد ديونهم. بالإضافة لذلك، هناك أيضًا الأزمات المرتبطة بالمصارف، وهذه الأخيرة حساسة جدًا لأي تغيير سلبي في الوضع الاقتصادي، حيث يمكن أن تؤدي عدم القدرة على تحصيل القروض وإدارة المخاطر بشكل فعال إلى الإفلاس.
من الناحية التاريخية، فقد مررنا بعدد من الأزمات المالية المحورية. مثلاً، دفع عدم القدرة على التعامل مع الدين العام لإسبانيا خلال فترات زمنية مختلفة -مثل أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر- إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية كبيرة. كذلك الحال مع الأزمة المالية العالمية لعام ٢٠٠٨ والتي كانت ناجمة أساساً عن فقاعة سوق الرهن العقاري الأمريكي. بدأت القصة بتطبيق سياسات توسعية لتسهيل الحصول على قروض رهن عقاري للشرائح ذات الدخل المنخفض، وهو الأمر الذي قاد إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المنازل. ومع ذلك، سرعان ما انفجرت الفقاعة، مما ترك الكثير من المواطنين بدون مال كافٍ لسداد الرهون العقارية الخاصة بهم وأدى لعجز مصرفي واسع النطاق.
في النهاية، يعد فهم دورة حياة الأزمة المالية وكيف يمكن أنها تبدأ وتستمر أمراً مهماً لحماية الاقتصادات والحكومات والشركات الأفراد منها. تتطلب الوقاية منها والحد منها نهجاً مشتركاً واستراتيجياً يشمل كل الفاعلين الرئيسيين في السوق.