تعد العلاقة بين البطالة والتضخم أحد النقاط الرئيسية التي تشغل اهتمام العديد من علماء الاقتصاد والمراقبين حول العالم. يمكن النظر إلى هذه العلاقة كجزء أساسي من ديناميكية السوق الرأسماليّة، وهي تمتد لتشكل فهمنا لكيفية عمل اقتصاديات الدول المختلفة. عندما يرتفع معدل البطالة بشكل كبير، قد يحدث ذلك نتيجة لعدد من العوامل بما في ذلك انخفاض الطلب على القوى العاملة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. هذا الانكماش الاقتصادي غالباً ما يؤدي إلى تضخم أقل لأن الشركات لديها القدرة على خفض الأسعار لجذب العملاء الذين أصبحوا أكثر حساسية للتكلفة بعد فقدان الوظائف.
ومع ذلك، فإن الواقع ليس دائما بسيطا كما يبدو. هناك نموذج معروف باسم "نموذج فيليبز"، والذي يقترح علاقة عكسية مباشرة بين البطالة والتضخم - كلما زادت البطالة، قلّ التضخم والعكس صحيح. ولكن هذا الافتراض لم يعد سارياً في العقود الأخيرة، خاصة في بعض الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. هنا، حتى عند ارتفاع نسب البطالة، ظل التضخم مستقراً نسبياً أو ربما حتى ارتفع قليلاً.
هذه الظاهرة تدل على وجود عوامل أخرى تؤثر في التضخم بالإضافة إلى البطالة، مثل توقعات المستثمرين وتغيرات الأسعار العالمية. فإذا كانت الشركات تتوقع ارتفاع الأرباح بسبب زيادة إنتاجها، فقد ترفع الأسعار مقدماً لتحقيق تلك الأهداف. وبالمثل، إذا حدث اضطراب في سلسلة توريد المواد الخام الدولية، فسوف تنعكس الزيادة في تكلفة الإنتاج بسرعة على الأسعار المحلية.
وفي النهاية، تعتبر العلاقة بين البطالة والتضخم جزءاً أساسياً من المعادلة الاقتصادية الكبرى، لكنها ليست هي الجانب الوحيد المؤثر فيها. لذلك، ينبغي لنا كمراقبين ومحللين اقتصاديين أن نتفحص مجموعة واسعة من البيانات والمعايير لفهم البيئة الاقتصادية الحالية بدقة أكبر.