تواجه العديد من الأسر حول العالم تحديات متزايدة بسبب تراجع قدراتها الشرائية رغم الظروف الحالية التي يبدو أنها مواتية للنمو الاقتصادي. هذا التناقض يثير تساؤلات حيوية فيما يتعلق بالأسباب الجذرية لهذه المشكلة المعقدة. يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى عدة فئات رئيسية: السياسات الحكومية، الدين العام والديون الشخصية، التقلبات في أسعار الصرف، والتغيرات العالمية مثل الركود الاقتصادي العالمي وأزمة جائحة كورونا.
السياسات النقدية والمالية للحكومة تلعب دوراً محورياً في تحديد مستوى الإنفاق الاستهلاكي. عندما تكون السياسة المالية مشددة مع ارتفاع معدلات الضرائب وتقليل الإنفاق العمومي، فإن ذلك يؤثر سلباً على دخل الفرد وبالتالي قدرته على الإنفاق. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت سياسة البنك المركزي تتضمن زيادات مستمرة في سعر الفائدة، فسوف تشجع الادخار أكثر مما ستشجع الاستثمار والاستهلاك.
الدين العام والدين الشخصي هما أيضاً عاملان أساسيان في خفض القدرة الشرائية للأفراد. عندما ترتفع الديون العامة نتيجة عجز الموازنة، غالبًا ما يتم التعامل مع الأمر عبر زيادة الضرائب أو الحد من الخدمات العامة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الوضع المالي للأسر واختياراتها المتعلقة بالإنفاق. وبالمثل، عندما يكافح الأفراد لسداد ديونهم الشخصية، خاصة تلك ذات العائد المرتفع كالقروض الاستهلاكية والقروض بمعدل فائدة مرتفع، يصبح لديهم موارد مالية أقل لإنفاقها على المنتجات الأخرى.
تقلبات العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي أو اليورو لها تأثير كبير كذلك. عند انخفاض قيمة عملاتها الوطنية أمام عملات أخرى شعبية عالمياً، تصبح واردات السلع والخدمات أغلى تكلفة بالنسبة للسكان المحليين، بما يتسبب بدوره في تراجع القدرة الشرائية.
وأخيراً وليس آخراً، يُعتبر التأثير الخارجي أحد أهم عوامل فقدان القوة الشرائية خلال السنوات الأخيرة الأخيرتين. كان لإجراءات الإغلاق الجزئي والكلي الناجمة عن تفشي وباء كوفيد-19 تأثيرات عميقة على اقتصاد العالم بأسره؛ أدت عمليات إيقاف الأعمال وحالات بطالة هائلة إلى نقص ملحوظ في الثروات والأرباح المحتملة لكل فرد ومجموعاته الاجتماعية المختلفة. كما أثرت فترة الركود الكبير قبل ظهور الفيروس أيضًا بشدة على فرص الحصول على وظائف جديدة وتحقيق نمو ثابت للدخل للعائلات والشركات الصغيرةAlike.
في النهاية، ينبع الحل الأمثل لمشكلة انحدار القدرة الشرائية من فهم شامل ودقيق لتلك المؤثرات المختلفة وفهم كيفية تطوير واستخدام الأدوات اللازمة للتكيف مع بيئة اقتصادية متحولة باستمرار ومنع المزيد من التصعيد السلبي لاحقاً.