- صاحب المنشور: ساجدة الفاسي
ملخص النقاش:في عالم يتسم بالتغيرات الجيوستراتيجية المستمرة والتحديات الاقتصادية المتزايدة، برزت العلاقة الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية كنموذج ناجح للتعاون الثنائي الذي يمكن أن يعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة. هذه الشراكة ليست مجرد تعاون سياسي أو عسكري فحسب، بل تتجاوز ذلك لتشمل مجالات اقتصادية هامة مثل التجارة والاستثمار والبنية التحتية.
التجارة: بوابة لزيادة التكامل
تشكل التجارة أساس أي شراكة اقتصادية قوية. يُظهر التاريخ الحديث تباينًا كبيرًا في حجم التبادل التجاري بين البلدين. وفي السنوات الأخيرة، اتخذ هذا الاتجاه منحى تصاعديًا ملحوظًا. وفقًا لإحصائيات عام ٢٠٢١ الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة المصرية، بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من ١٦,٥ مليار دولار أمريكي، وهو رقم يعتبر مرتفعا مقارنة بالأعوام السابقة.
هذه الزيادة ترجع إلى عدة عوامل منها اتفاقيات التزام مشتركة وتسهيلات للتجارة الحرة بالإضافة إلى تبادل المنتجات الصناعية والزراعية التي تتميز بها كل دولة. على سبيل المثال، تستورد مصر حوالي ٧٠٪ من منتجاتها الغذائية الأساسية من المملكة مما يشكّل مصدرًا مهمًا للدخل لكلا البلدين.
الاستثمارات: محركات النمو المشترك
بالإضافة إلى المكاسب التجارية المباشرة، يجني البلدان أيضًا ثمار استثمارات بعضهما البعض. تشهد مصر حالياً زيادة كبيرة في مشاريع البنية التحتية الكبرى مدعومة باستثمارات سعودية كبيرة. مشروع "سد النهضة" المصري يعد مثالاً بارزاً حيث ساهم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بمبلغ يصل لحوالي ١,٤ مليار دولار أمريكي.
وفي المقابل، تلعب الشركات والمؤسسات المالية السعودية دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد المصري من خلال طرح سندات دولية وإصدار شهادات إيداع تمكن الحكومة المصرية من الوصول لسوق رأس المال العالمي.
البنية التحتية: أرض المصالح المشتركة
يشكل قطاع البنية التحتية محور التركيز الرئيسي لهذه الشراكة. إن بناء شبكات طرق وكباري جديدة وأنظمة نقل حديثة يعمل ليس فقط علي تحسين جودة الحياة للسكان ولكن أيضا يدعم خطط التنمية الوطنية لكل بلد ويفتح أبواب الفرص أمام القطاعات الأخرى للازدهار.
من الأمثلة البارزة لهذا العمل المشترك مشروع تطوير منطقة العلمين الجديدة بطول ساحلي يقدر بحوالي ٢٣ كيلومتراً والذي تقدر تكلفته بأكثر من ١٨ مليار ريال سعودي وقد قامت شركة دار الأركان العقارية السعودية بتأسيس فرع لها داخل مصر خصيصاً للمشاركة فيه.
مستقبل التعزيز: رؤية مشتركة نحو مستقبل أفضل
إن الرؤية الواضحة لرئيس وزراء جمهورية مصر العربية الدكتور مصطفى مدبولي حول تحقيق معدلات نمو عالية واستدامة الاقتصاد تؤكد مدى أهمية الدور المرجّح للعلاقات القائمة مع الدول الخليجية وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية.
بالنظر للأمام، فإن هناك العديد من المجالات المحتملة للتوسعات المقبلة؛ بدايةً من الطاقة المتجددة مرورًا بالرعاية الصحية وانتهاء ببرامج التعليم والتدريب المهني - جميعها تسهم بإعادة رسم خارطة طريق جديدة للشراكة الثنائية تضم عناصر متعددة الجانب تنقل هذه العلاقة خارج حدود كونها تجارية صرف وتعكس عمقا أكبر يكفي لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بغرض خلق بيئة آمنة مستقرة ومنفتحة.