أزمة المياه: تحديات الطاقة والزراعة والبيئة المستقبلية

مع استمرار تزايد الطلب على الموارد الطبيعية مع نمو سكان العالم وتغير المناخ، تواجه كوكبنا أزمة مياه متفاقمة. هذه الأزمة تؤثر بصورة جذرية على قطاعات حي

  • صاحب المنشور: رابح الهواري

    ملخص النقاش:
    مع استمرار تزايد الطلب على الموارد الطبيعية مع نمو سكان العالم وتغير المناخ، تواجه كوكبنا أزمة مياه متفاقمة. هذه الأزمة تؤثر بصورة جذرية على قطاعات حيوية مثل الطاقة، الزراعة، والتوازن البيئي. وفيما يلي تحليل تفصيلي لهذه القضية المعقدة:

الطاقة والمياه: علاقة وثيقة

القطاع الأول المتضرر هو قطاع الطاقة الذي يعتمد بشكل كبير على الماء. سواء كانت محطات توليد الكهرباء التي تعتمد على التوربينات المائية أو تلك التي تتطلب تبريدًا للمعدات شديدة الحرارة، فإن كل شكل من أشكال إنتاج الطاقة يتضمن استخدام كميات هائلة من المياه. بحسب دراسة أجرتها وكالة الطاقة الدولية، يتم استخدام نحو 12% من جميع موارد المياه العالمية لإنتاج الطاقة سنويًا. هذا الاستخدام المكثف للماء ليس له تأثير مباشر على توفر المياه فحسب؛ بل يمكن أيضًا أن يساهم في مشاكل الإنتاج بسبب نقص المياه خلال المواسم الجافة والعقبات اللوجستية المرتبطة بنقل المياه لأغراض التبريد.

الزراعة تحت الضغط بسبب قلة المياه

أما القطاع الثاني الأكثر تضررًا فهو زراعة الغذاء. حيث تعد الزراعة أكبر مستخدم للمياه عالمياً وفقا لتقرير الأمم المتحدة حول حالة المحيطات والبحار لعام ٢٠١٨ والذي يشير إلى أنه حوالي 70٪ من إجمالي استهلاك مياه العذبة العالمي يستعمل حاليًا في عمليات الري الزراعي. بالإضافة لذلك ، يؤدي تغيرات المناخ الناجمة عنه تغييرات كبيرة في أنماط هطول الأمطار مما يخلق ظروفاً غير مستقرة وغير مضمونة للأراضي الزراعية المعتمدة على هطول أمطار طبيعية . كذلك فان زيادة تركيزات الكربون في الهواء نتيجة الانبعاثات البشرية تساهم أيضاً في ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض وهذا بدوره قد يؤدي لانخفاض مستوى "درجة الرُّكود" وبالتالي تقليل حجم الثلوج والجليد الذائب طبيعيا وهكذا ستنخفض مناسيب وروافد العديد من أنهار العالم الرئيسية ذات مسارات طويلة عبر مناطق مختلفة والتي تعتبر مصدر رئيسي لغالبية البلدان الواقعة على مجاري تلك الانهار.

التأثيرات البيئية للأزمات المائية

وعلى الجانب الآخر ، هناك آثار بيئية مباشرة ناتجة مباشرة عن محدودية موارد المياه الشحيحة كالاضمحلال التدريجي لنظم الحياة البرية والبحرية المحلية وأنظمتها الايكولوجية الفريدة. فعندما تصبح المياه نادرة ومتاحة بمعدلات أقل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة يمكن ان يكون لها عواقب وخيمة علي الحيوانات والنباتات المحلية والحياة البحرية بشكل عام ويمكن لهذا الأمر بالتأكيد بأن يفقد الكثير منها حياتهم ويتسبب بالتالى فى اختلال توازن النظام البيئى ويؤدى الى انهيار بعض الأنواع وإختفاء البعض الآخر تماماً مع مرور الوقت. كما تشمل الآثار الأخرى احتمالية حدوث موت الأشجار الكبير وهو عملية فقدان الأخشاب الخضراء المفاجأة والكبيرة التى تحدث عندما تضعف جذور الأشجار نتيجة للجفاف فتتعرض بعد ذلك للإصابة بالآفات والفطريات.

في نهاية المطاف، فإن هذه المشكلة المركبة والأبعاد المختلفة لها تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات شاملة ومستدامة لصيانة واستعادة مستويات الصحة العامة لموارد المياه لدينا وضمان القدرة على تحمل تكاليف الحصول عليها لكل المجتمعات وعلى كافة الأصعدة - الاقتصادية والبيئية والقانونية والإنسانية معاً. إن الحلول التقنية وحدها ليست قادرةٌ على مواجهة التحدي الحالي إذ أنها تحتاج أيضا إلي تغيير عميق للسلوك البشري تجاه إدارة مواردنا بصورة أخلاقيه وعادله تعكس شعورا اكبر باحترام حق الاجيال القادمه بالعيش ضمن بيئه صحيه وذلك بواسطة اعتماد سياسات أكثر حسماً وتعطي أهميه قصوى لحماية حقوق الإنسان الأساسيه المتعلقه بالحصول علی خدمات مائيّة آمنه وجودتها عالية النوعية وكميتها کافیة فضلا عن تدابیر لاعادة ترجیحکالتbalances بين مختلف القطاعات لاستهلاك المياه بطريقة تقوم بتجنب الصراع المحتمل فيما بین حاجات وقيم مجتمعاته المختلفه.


سارة الدرقاوي

8 مدونة المشاركات

التعليقات