تعتبر عبارة "اعرف نفسك بنفسك"، وهي مأخوذة مباشرة من أفكار الفيلسوف اليوناني القديم سقراط، جوهرة فلسفية نادرة ضمن تراث الفلاسفة القدامى. جاء اختيار سقراط لهذه العبارة كخلاصة لما يؤمن به من حقائق ووصايا حول الحياة والفهم الإنساني للذات، مما يشكل أساساً لمبدأ مهم يُعرف اليوم باسم "فلسفة معرفة الذات".
إن غاية هذه المقولة الشاملة تكمن في التحفيز نحو التفكير العميق والتأملي لنكتشف ونفهم طبيعة ذاتنا بشكل أفضل. فقد أكد سقراط أنه لتحقيق ذلك، ينبغي علينا طرح أسئلة أساسية حول مشاعرنا وعواطفنا وسلوكياتنا وصفاتنا الشخصية. فالقدرة على الإجابة بصراحة عن مثل هذه الاستفسارات ستمكن الشخص من تطوير فهم عميق لذاته واستخدام تلك المعرفة لإرشاد حياته ودفعها نحو تحقيق الأهداف وطموحاته. ومن ناحية أخرى، فإن الانغماس في حالة من الجهل الذاتي يحمل معه تحديات ومعوقات أمام المرء عند التعامل مع المصاعب المختلفة.
وقد ارتكزت دعوة سكراطة المثالية لكشف الدواخل الداخلية للأشخاص على اعتقاد راسخ بأن الشعور بحالة الوعي الذاتي الناضجة هو مفتاح المساعدة العملية لحالات الضائقة النفسية لدى الجميع دون استثناء. وهذا النهج قابل لأن يكون شغل الأفراد المهتمين منذ القدم حتى يومنا الحالي، حيث قام الكثير من المفكرين والأطباء النفسيين بتقديم رؤاهم الخاصة بشأن تطبيق نمودجه الخاص بكيفية التعامل مع الروح البشرية. وفي بعض الحالات الأكثر شهرة، سعى الفرنسي رينيه ديكارت لاستكشاف كيفية توسيع فهم الذات بطرح قضية جدلية بسيطة تتمثل في تحديد مدى قدرة الإنسان على إدراك ماهيته الحقيقة تماما. وهكذا، أصبح درب معرفة الذات ذا مصداقية عالية بسبب ارتباطه ارتباط وثيق بحكمة معرفة ثروات الداخل القصية للفرد والتي تشكل مصدر قوة خارقة تستوجب التنقيب عنها باستمرار بغرض إبراز مخزونها غير محدود من القدرة والإمكانيات الهائلة المخبوء تحت سطح الصورة الظاهرية الأولى لنا جميعا.
أما بالنسبة لشخصية سقراط نفسه فهي شخصية بارزة للغاية داخل عالم الفلسفة التقليدية نظرًا لبصماتها الواضحة المؤثرة عليها وعلى الثقافة العالمية جمعاء لاحقًا. ولد بالقرب من المدينة الشهيرة أثينة حوالي العام ٤٧٠ قبل الميلاد وكان معروفًا بأنه مدرّس مجتهد يعمل مقابل أجور مقابل تدريسه الطلاب الذين أحرز ابنه أشهرهم إفلاطون وشاكسوفليس نجاحا فيما بعد كمؤرخ بعدما امتلأت كتاباته بالتجارب الجسدية لسيدهم الأكبر سقراثوس والذي كان يتميز بشغفه الكبير بممارسة فن الخطابة بالإضافة لعشقه أيضًا للفنون الأخرى المتنوعة بما فيها الرسم والنحت والصناعة الخشبية . ورغم عدم وجود أعمال مكتوبة نسبه إليها إلّا إن تأثير افعال افلاتن وخلفائه الآخرين قد ترك علامات واضحة تؤكد دور عظامه الرائدة في المساهمة بخلق نظريات جديدة أدت مجتمعة لجذب الانتباه العالمي إليه ليطلق اسمُه "مؤسس الأخلاق" تقديرا لدوره الثوري حين عرَّف علم الأخلاق الحديث بإعلان نظرية مبنية اساسها الاساسي علي