أنوار العيون: جماليات اللغة ورقيّ الشعر عبر التاريخ

العين، تلك النافذة الصغيرة إلى الروح، هي مصدر إلهام لا ينضب للمبدعين منذ فجر الحضارات الإنسانية الأولى. إنها تعكس المشاعر والأحاسيس بشكل مباشر وبلاغة

العين، تلك النافذة الصغيرة إلى الروح، هي مصدر إلهام لا ينضب للمبدعين منذ فجر الحضارات الإنسانية الأولى. إنها تعكس المشاعر والأحاسيس بشكل مباشر وبلاغة يصعب ترجمتها بكلمات فقط. لذلك، لم يكن غريباً أن تحتل مكان الصدارة بين الموضوعات التي تغنى بها الشعراء والفنانون على مر الزمن.

في الشعر العربي القديم، كانت العين رمزاً للأمل والحب والشوق. يقول ابن معتوق: "وما عيني إلا كالنور يرى كل ضوء/ ولكنهما لا يبصران سواك وحداك". وفي قصيدة أخرى لابن الفارض، نجد هذه الأبيات الرائعة: "عيناكِ شمسٌ وضياءٌ وبهجةٌ/ وأنتِ القمرُ المنيرُ والسراجُ." هنا، يتم تصوير العين ليس مجرد عضو جسدي وإنما كمصدر للنور والإضاءة، مما يعكس عمق التأثير العاطفي والعقلاني للعين في الأدب العربي.

وفي الشعر الحديث أيضاً، حافظت العين على أهميتها الرمزية والموسيقية داخل القصائد. إن استخدام الشاعرة فدوى طوقان للعين في قصيدتها "الشجرة"، يظهر كيف يمكن أن تكون العين بوابة لتجارب روحية ودينية أكثر بعداً. كتبت قائلةً: "وأنا أصعد درج العمر وحيدا// عيناي تبحثان عن وجه الله".

هذا الربط بين الجمال البصري والبصيرة الروحية هو أحد الجوانب العديدة التي تجعل من العين موضوعا خصبا للشعر والقصة. سواء كان الأمر يتعلق بالأثر الجمالي الظاهر أو الإيحائي، فإن دور العين كعضو حسي وكرمز ثقافي وفلسفي كبير مستمر حتى اليوم. إنه دلالة على قوة التواصل البشري وعلاقة الإنسان مع العالم من حوله.


شمس الدين التازي

14 مدونة المشاركات

التعليقات