في العمق الديني والفلسفي للأدب الإسلامي القديم، نجد قصة لقمان، الشخصية الغنية بالحكمة التي تحمل رسالة سامية للإنسانية جمعاء. هذه القصة ليست مجرد جزء ملهم من القرآن الكريم فحسب؛ بل هي أيضًا مصدر مستمر للحكمة والنصح عبر العصور. دعونا نتعمق في بعض النقاط البارزة في حياة هذا الرجل الفاضل ونستخلص دروسا يمكنها تحويل مسارات حياتنا نحو الأفضل.
لقمان، كما يصفه الله تعالى، كان "رجلًا عظيم الحكمة"، وهو ليس فقط شخص بارع في التفكير والتعبير، ولكن أيضا صاحب قلب مليء بالرحمة والإنسانية. أحد أهم ما أشار إليه القرآن حول لقمان هو نهجه التربوي مع ابنه. عندما رأى لقمان أنّ ابنه قد بدأ يفقد رباطة الجأش أمام المشاكل اليومية، قرّر تعليم ابنِه درساً عميقاً سيظل معه مدى الحياة.
قال له: "يا بني! إن الله أمرَك بأن تخْتَرِط إلا من إثم فخترِطة". هنا، يشجع لقمان ابنه على الاستماع إلى النداء الداخلي الخاص به وتجنب الأعمال الغير أخلاقية. يعلم ابنه أنه حتى لو لم يكن هناك مراقبين خارجيين، فإن الضمير الشخصي والشريعة الربانية هما كافيان لجعل الإنسان يحافظ على سلوكه الصحيح. وهذا التعليم يدفعنا إلى الاعتراف بأهمية الأخلاق الداخلية والثقة بالنفس في مواجهة الإغراءات الخارجية.
وفي موقف آخر، طلب منه الملك مرةً أن يصنع شخصية ذهبية تجسد صورة رب العالمين. لكن لقمان رفض بشدة واعترض بطريقة واضحة وشجاعة قائلاً: "لا تصنعوا لله تمثالًا". بهذا، يؤكد للقمان على الوحدة والتفرد المطلق لله سبحانه وتعالى، مؤكداً بذلك ضرورة عدم تقديم الشرك له أو تمثيل ذاته المادية.
إن فهم وصايا لقمان يساعدنا كثيرا في تشكيل معتقدات وأفعالنا. فهو يدعو إلى التقوى والأخلاق الحميدة، ويحث على احترام الذات ومراعاة الآخرين. إنها بالتأكيد دروس تستحق النظر بها بشكل متكرر لتوجيه خطواتنا نحو الطريق الصحيح في عالم يتسم بالتعقيد المتزايد باستمرار.