في رحلة الحياة الدنيا: حكم وأدب الرحيل

رحلتنا عبر هذا العالم ليست سوى محطة مؤقتةٌ في الطريق إلى الوجهة النهائية. إنها فترة اختبار واختيار، حيث نواجه العديد من التجارب التي تشكل شخصياتنا وتح

رحلتنا عبر هذا العالم ليست سوى محطة مؤقتةٌ في الطريق إلى الوجهة النهائية. إنها فترة اختبار واختيار، حيث نواجه العديد من التجارب التي تشكل شخصياتنا وتحدد مصائرنا. من بين تلك التجارب الجسيمة يأتي "الرحيل"، وهو التحول الجذري نحو مرحلة جديدة قد تكون مليئة بالتغيير والتكيف، سواء كانت هذه الخطوة انتقالًا جسديًّا كالهجرة مثلاً، أو تحولاً داخليًّا مثل تغييرات العمر أو الخسارة الشخصية.

إن فن التعامل مع الرحيل ليس فقط القدرة على الفراق، بل أيضًا فهم الأبعاد الروحية والدينية لذلك. في الإسلام، يعتبر الموت مجرد باب للانتقال إلى حياة أخرى أكثر جمالاً وثباتًا. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" [آل عمران:185]. وهذا يؤكد أهمية الإعداد للتغيرات المقبلة والاستعداد للأبدية بدلاً من الانشغال الزائد بالدنيا وزينتها العابرة.

عندما نفكر في الرحيل، يجب علينا موازنة مشاعر الحزن والألم بخير الأمور الآتية بعدها. إن فقد الأحبة المؤثر للغاية يمكن تخفيف وقعه برؤية الجانب الآخر من المشهد - رجائنا بملاقاة أحبابنا مرة ثانية عند رب كريم غفور رحيم. كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". (رواه مسلم).

وفي الوقت نفسه، فإن تغيرات حياتنا الأخرى كالانتقال للمدرسة الجديدة أو العمل الخارج البلاد تتطلب القبول والإيجابية تجاه الفرص الجديدة والمستقبل الواعد. الشجاعة والحكمة هما مفتاح النجاح في كلتا الحالتين؛ فالرحلة المستمرة للحياة تحتاج لقلب واسع يستوعب مسارات مختلفة لنصل أخيراً إلى وجهتنا الأخيرة بإذن الله وهي دار السلام والحياة الأبدية.


سامي الدين المسعودي

12 مدونة المشاركات

التعليقات