الأقوال والحِكم هي مرآة لتراكم التجربة الإنسانية عبر الزمن. تحمل هذه العبارات الموجزة، التي غالباً ما تكون قصيرة ومتداخلة بالأمثال الشعبية، الحكمة المكتسبة من خبرات الحياة وتجاربها المتنوعة. إنها تعكس رؤية الشعوب المختلفة للعالم بمختلف ثقافاتها ولغاتها وأزمنة ظهورها.
في هذا السياق، يمكننا تتبع جذور بعض أهم الأمثال العالمية إلى حضارات قديمة مثل المصرية والفارسية والعبرية. مثلاً، المثل المصري "لا تحزن إن زاد همومك"، والذي يعود تاريخه لأكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، يركز على القوة الداخلية والتحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية. وكذلك الأمر مع المثل العبري الشهير "كل طريق له ثمن"، وهو مبدأ أخلاقي يشجع الأفراد على التفكير مرتين قبل اتخاذ القرارات الهامة.
تتعدد الأصول الجغرافية لهذه الحكم والأقوال؛ فبينما يأتي البعض منها من الغرب القديم -حيث نشأت العديد من المعاني الأخلاقية والتوجيهيّة تحت مظلة الإله اليوناني ديموسيس- فإن الشرق أيضاً ساهم بشكل كبير بهذا التراث العالمي للحكمة. نجد مثالاً واضحاً لذلك في الأدب الصيني القديم، خاصةً فيما يخص أفكار كونفوشيوس بشأن العدالة الاجتماعية والقوانين الأخلاقية للتعامل داخل المجتمع.
ومن هنا بدأنا نرى كيف تطورت تلك الأحكام عبر التاريخ، مستهدفة تصحيح تصرفات البشر وردود فعلهم تجاه مختلف المواقف الواردة ضمن رحلة العمر الطويلة. إذ يسعى الكثير منهم لاتباع نهج حياة أكثر انسجاما ومعنى بناءً عليه. وفي نهاية المطاف تعددت الآراء حول مصدر هذه الحكم سواء كانت نتاج تجارب شخصية مباشرة أم أنها مجرد نظريات فلسفية مطورة جيلاً بعد آخر حتى وصلتنا كما نعرفها الآن. ولكن بغض النظر عن الأصل، تبقى رسائل الحقيقة والبراعة والمعرفة الخالصة موجودة دائماً، بل ويتم تحديث محتواها باستمرار بما يناسب احتياجات كل عصر جديد. وبالتالي يستمر دور أقوال حكم كدليل توجيهي قوي لمستقبل الإنسان وصقل شخصيته الذهنية والنفسية بلا انقطاعٍ طويل المدى!