يوم السبت يومٌ عسِر، والجميع يتفق على ذلك؛ لهذا قررت الوالدة أنه يكون هو يوم اجتماع عائلتنا؛ لكسر الرتابة والملل، ولترى إخوتي وأحفادها، فتستكين وتطرَب؛ أما بالنسبة لي، هو يوم أُشبّهه بيوم الحشر؛ حيث ينال الناس فيه من الشدائد ما ينالون، أحداث وأهوال يوم القيامة أراها أمامي يا إخوة
فقبل اليوم الموعود للقيا الأحفاد والأولاد، تعدّ والدتي ألف أنشودة فرحٍ، وألف ابتهال شكرٍ رفَعته للواحد القهار، تذهب إلى السوق، تشتري من الثياب أحلاها، تنطلق إلى محل الألعاب وتنتقي أغلاها، تهرع إلى بائع الحلوى وتشتري حتى تمل، ثم يأتونا كالأفواج صفًّا صفًا؛ فتُدك أرضنا دكًّا دكًّا
ما إن يتم وصولهم إلا وتقع الواقعة والقارعة، وتجيء الصَّاخَّة والطامَّة، يأتون كأنهم جراد منتشر، بحالة سُعُر، يتدافعون، حفاةً غير منتعلين، يُدمّرون كل ماوصلت أيديهم إليه، يعثون بالمنزل خرابًا حتى يغدو كحقل ذُرة هاجمته الغربان، فمنهم من يبلغ العرق منكبيه، ومنهم إلى شحمة أذنيه
يتراكضون، يُهرولون، يسقطون، ينهضون ويركضون مرةً أخرى، ومن لم يَستطِعِ النهوض، فإنه يسير على ركبتَيه، يندفعون مدججين بالشوكولاتة، وقد تلطّخت أفواههم بها، لا يدرون أين يسيرون؟ وإلى أين يتَّجهون؟ هم دومًا هكذا يركضون، لا تقفُ أقدامهم عن الركض إلا حين يُتعِبُهم المسير، ويغلبُهم النوم
وإذا استيقظوا ركضوا مرةً أخرى، لا شيء يُوقِفُهم، يركضون في الليل والنهار، وفي البَرْدِ والحرِّ، وفي الجوع والشِّبَع، كلُّ شيء يحفزهم ويدفعهم لمزيد من الركض، لا ينجزون شيئًا؛ لأنهم لا يعرفون إلا الركض