ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رجعنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نَهانا عن شيءٍ ما نهينا قطُّ قبله قطُّ، قال: فلقد رأيت على وجه ابن عمر كراهيته لذلك" (رواه مسلم). يفسر هذا الحديث موقف ابن عمر وابن عباس من تحريم بعض العبادات التي قد تكون مباحة، وفي هذه الحالة، صيام شهر رجب بشكل مستمر.
يشرح فضيلة الشيخ النووي رحمه الله هذا الحديث بأن سبب كراهية ابن عمر هو المخالفة المحتملة لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأن حرمة الحرير. ومع ذلك، يؤكد ابن عمر أنه يصوم دائمًا ويحب الصيام باستمرار إلا أيام عيد الفطر والأضحى وتشريقها. وهذا يدل على اعتقاد أهل السنة والجماعة بأنه لا مانع شرعي من صيام الدهر (أي الصيام المستمر) ما دام الأمر غير مرتبط بتحديد وقت معين محدد مثل رمضان والعيدين.
بالنسبة للحكم الشرعي لصيام رجب، فإن جمهور الفقهاء يرون عدم الكراهة في صيامه؛ إذ ليس هناك دليل واضح يدعم التحريم أو الاستحباب له تحديدًا. ولكن يجب الانتباه إلى أن البعض قد ارتبط صيام رجب مع الزمن الجاهلي مما أدى لتوجيه النصائح بعدم اتباع تلك الآثار المتبقية من الجاهلية والتزم بصيام أي شهور أخرى بدلاً من ذلك.
وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى اختلاف آراء العلماء حول حكم الصلاة وصيام يوم واحد فقط خلال كل أسبوع لمدة طويلة بدون توقف (الصلاة والصيام اليوميين)، بينما يرى آخرون أنها سنة مؤكدة بإجماع المسلمين الأوائل. وبالتالي، حتى لو كانت هناك مراقبة فردية لشخص معين يقوم بهذا النوع من الروتين الروحي، تبقى مهمتنا كمؤمنين التركيز على تطبيق الأحكام العامة والإرشادات الرئيسية للدين الإسلامي الحنيف وفق فهم الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم أهل العلم المعتبرين.
