في عالم الأعمال الحديث، أصبح فهم البيئة التي يعمل فيها الأشخاص أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الإنتاجية القصوى. إحدى الدراسات المثيرة للاهتمام والتي تدرس هذه العلاقة هي تجربة حول تأثير الضوء الطبيعي على إنتاجية العمال. الهدف الرئيسي لهذه التجربة كان التحقق مما إذا كانت التعرض للضوء الطبيعي داخل مكان العمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الانتاجية لدى الموظفين.
تم إجراء التجربة تحت إشراف فريق بحثي من جامعة لندن بمركز أعمال حديث مجهز بمكاتب ذات نوافذ كبيرة تسمح بدخول الكثير من الضوء الطبيعي خلال ساعات النهار. تم تقسيم الموظفين الذين يشاركون في التجربة عشوائياً إلى مجموعة تعرضت فقط للضوء الاصطناعي ومجموعة أخرى حصلت على مزيج من الضوء الاصطناعي والطبيعي باستخدام النوافذ الكبيرة.
أثناء فترة التجربة التي استمرت لمدة ثلاثة أشهر، قام الباحثون بمراقبة أداء كلتا المجموعتين وجمعوا بيانات عن حجم وكفاءة العمل الذي يقوم به كل فرد. عند نهاية الفترة، أظهرت البيانات بشكل واضح فوائد وجود الضوء الطبيعي للمكاتب. سجل أعضاء الفريق الذين عملوا مع وجود الضوء الطبيعي معدلات أعلى بكثير من الانتاج والإنجاز مقارنة بالمجموعة الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون تحسنا ملحوظا في مزاج ورفاهية أعضاء الفريق الذين لديهم الوصول إلى الضوء الطبيعي. وهذا يعكس ارتباطاً قويا بين الصحة النفسية والعقلانية للإنسان والبيئات المكيفة بصورة صحية.
هذه النتائج ليست مفاجأة بالنظر إلى الأدلة المتزايدة الداعمة لفوائد التعرض للضوء الطبيعي. تحفيز الجسم لإنتاج "السيرتونين"، وهو هرمون يساعد على تنظيم الحالة المزاجية والنوم والأكل والشعور بالألم، يعد أحد الفوائد الرئيسية للتعرض للضوء الشمسي.
لذلك، بناءً على نتائج هذه الدراسة وغيرها الكثير مثلها، قد يكون إدراج المزيد من العناصر الطبيعية والمفتوحة مثل النباتات ومصادر الطاقة الشمسية ضمن تصميمات المباني الحديثة خطوة ذكية نحو بيئات عمل أكثر صحة وإنتاجية.