- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم مجموعة متنوعة ومتشابكة من التحديات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على مختلف دول العالم. هذه التحديات لم تكن مجرد ظواهر محلية بل كانت لها آثار عالمية واضحة، مما يجعل من الضروري تحليل أسبابها وآثارها المتوقعة على المنطقة العربية تحديداً. ستتناول الدراسة التالية الأزمات المالية، والركود الاقتصادي العالمي، والصدمات البترولية كأبرز ثلاثة تحديات تواجه النظام الاقتصادي العالمي حالياً.
1. الأزمات المالية: الدروس المستفادة من الماضي والحاضر
الأزمة المالية العالمية لعام 2008 تعد واحدة من أكثر الحالات شهرة والتي أظهرت مدى هشاشة الأسواق المالية الدولية. بدأت هذه الأزمة بتداعيات سوق العقارات الأمريكية وانعكست نتائجها بقوة عبر الشبكات المالية المعقدة حول العالم. رغم مرور عقد تقريباً منذ حدوث تلك الأزمة الكبرى، إلا أنها تركت دروساً قيمة يمكن الاسترشاد بها اليوم لضمان مرونة أفضل للأنظمة المصرفية والاستثمارية.
مع ظهور جائحة كوفيد-19، دخلت العديد من البلدان فترة جديدة من عدم اليقين بشأن الوضع الاقتصادي. أدى الفيروس إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي في الكثير من المناطق، خاصة الصناعات الخدمية والسياحية. وقد اتخذت الحكومات إجراءات غير مسبوقة لدعم الشركات والموظفين لمساعدتهم على تجاوز هذا الوقت العصيب.
على سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة برنامج الإغاثة الأمريكي CARES Act الذي تضمن دفعات مباشرة للمقيمين وتوسيعًا مؤقتًا لبرامج البطالة وغيرها من التدابير الرامية لتخفيف تأثير الجائحة اقتصاديًا واجتماعيًا. وفي أوروبا الاتحاد الأوروبي استخدم صندوق التعافي التابع له "NextGenerationEU"، والذي يهدف لإعادة بناء الاقتصاد بعد التأثير الكبير للجائحة عليه.
بالإضافة لذلك، فإن الدين العام الذي ارتفع بسبب الإنفاق الرأسمالي قد يشكل تهديدا مستقبلا إذا لم تتم معالجته بطريقة مدروسة ومخطط لها جيدًا. فالعجز المالي المنتظم والتراكم الطويل الأمد للدين الوطني يخلقان حاجزا أمام السياسات التحفيزية اللازمة لتحقيق تعافٍ أقوى عقب أي انتكاسة اقتصادية قادمة محتملة. ومن ثم يتعين علينا النظر فيما إذا كان هناك حلول مبتكرة مثل طرح سندات الخزانة ذات الفائدة السلبيّة أو زيادة ضرائب الثروة باعتبارها طرق ممكنة لإدارة دين الحكومة الوطنية بكفاءة أكبر حسب الظروف المحلية لكل دولة.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، تلعب المنظمات الدولية دورًا حيويًا في تشجيع تطبيق اللوائح القانونية المناسبة لمنع مثل تلك الكوارث مجددًا مستقبلًا. فعلى سبيل المثال، تعمل منظمة بازل للائتمان التجاري BRICS Financial Stability Group بشكل وثيق للتوصية بإصلاحات تزيد من قوة رأس المال لدى المؤسسات المالية وتشدّد القواعد المفروضة عليها للحفاظ على قدرتها على تحمل المخاطر وتحسين شفافيتها العامة واستقرارها طويل المدى داخل السوق.
2. الركود الاقتصادي العالمي: منظور عربي جديد
إن فهم طبيعة الدورات الاقتصادية ضرورة أساسية لفهم كيف تتفاعل الدول المختلفة مع فترات الانكماش الاقتصادي وعند إعادة الهيكلة بصورة عامة. إن حالة الركود الحالي ليست فريدة