من يوفقه الله لحفظ كتابه، ابتغاء وجهه، لا ليريد به عرضًا من الدنيا، فهو ممن أراد الله بهم خيراً، إن شاء الله. فالقرآن الكريم هو أصل العلوم الشرعية وبابها العظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". وحفظ القرآن يعد من أفضل الأعمال وأكثرها ثواباً عند الله تعالى.
ومع ذلك، يجب التنبيه إلى أن حفظ القرآن لا يعني بالضرورة صلاح صاحبه وتقواه. فقد روى مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة".
لذلك، يجب على حافظ القرآن أن يتأدب بآدابه ويحافظ على أحكامه، وإلا فإن القرآن قد يكون حجة عليه لا له. كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فإما أن يكون لك، وذلك فيما إذا توصلت به إلى الله، وقمت بواجب هذا القرآن العظيم: من التصديق بالأخبار، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وتعظيم هذا القرآن الكريم واحترامه، ففي هذه الحال يكون حجة لك. أما إن كان الأمر بالعكس: أهنت القرآن، وهجرته لفظاً ومعنى وعملاً، ولم تقم بواجبه؛ فإنه يكون عليك شاهداً يوم القيامة".
في النهاية، حفظ القرآن الكريم هو نعمة عظيمة، ولكن يجب على حافظه أن يكون على قدر المسؤولية وأن يعمل بما جاء فيه ليكون حجة له يوم القيامة.