سد النهضة، الملف الذي يدندن الغرب حوله، لإسقاط مصر في جبته، نتذكر جميعاً الدور الأمريكي في أزمة الخليج الثانية، مروراً باتفاق النووي زمن أوباما، وتمديد إيران، ثم المتاجرة بالثورات، والعزف على أوجاع الجماهير، والمحصلة من ذلك كله، كسر الجيوش، واستنزاف الثروات، وشق ممرات داخلية.
الجيوش العربية، هدف حيوي لشركات السلاح الأمريكية، ومعظم النزاعات التي انزلق فيها بعضها، كانت برعاية أمريكية مباشرة أو عن بعد بضوء أخضر؛ لأنها بذلك تكسب المال من جهة، وتفكك الجيش من جهة اخرى، وبنظرة شاملة نجد أن معظمها منخرط في اشتباكات أو حروب، تستطيع امريكا الحد من تداعياتها.
في حرب الخليج الثانية، كان النفط محور الأزمة بين العراق والكويت، وعلى إثر ذلك اندلعت الكارثة، أما اليوم فالماء محور الأزمة بين الدولة المفصلية من حيث البعد الإقليمي (مصر) وشريكتها الأفريقية إثيوبيا، فيما يعرف بالحروب المائية، وفي الحقيقة لا تختلف عن خرافة حروب الحرية والاستبداد.
إشغال الدول ذات الامتياز الإقليمي والدولي، سياسة دارجة في مفهوم الإستراتيجية الصليبية، والأمر يتلخص بمنح كل دولة أزمة خارجية تنشغل بها، وتستنزف ثرواتها، وقطع كل الطرق الموصلة إلى مائدة السلام، باستثناء ملف المسجد الأقصى، أما تأزيم الملفات الداخلية، تأتي في سياق الإبتزاز.
هذه السياقات وغيرها كثير، تفسر انقلاب الأمور لصالح قوى ذات تأثير أكبر مما يجب أن تكون عليه، كإيران والحوثية وملف السد المائي، وبقاء الأسد، وتفريخ المليشيات على حدود دولة محورية مهمة كالسعودية، مركز العالم الإسلامي، وإرباك دول نفطية أخرى، والسماح بانزلاق تركيا لتصخيم الملف الليبي.