- صاحب المنشور: الشريف بن عمر
ملخص النقاش:
في عالم يتسم غالبًا بالانقسام والتنافر، يبرز دور التربية على التعاطف كأداة قوية لبناء جيل أكثر تسامحاً وشمولية. تهتم هذه الدراسة بتفسير ماهية التعاطف وكيف يمكن للوالدين والمعلمين تطويرها لدى الأطفال منذ سن مبكرة.
يُعرَّف التعاطف بأنه قدرة المرء على فهم ومشاركة مشاعر الآخرين؛ وهو أبعد بكثير مما يبدو عليه الأمر عند النظر إليه مجرّد شعور بالشفقة أو الرحمة. بل هو القدرة على وضع النفس مكان شخص آخر وفهم تجربته العاطفية. تتعدى أهمية التعاطف مجرد الشعور الجيد - فهو يرتبط ارتباطا وثيقاً بالتواصل الاجتماعي الناجح، حل المشكلات الأخلاقية والتعامل مع الضغوط.
تبدأ عملية زرع بذور التعاطف عادة خلال سنوات الطفولة الأولى. إنشاء بيئة تشجع التفاعل الانفعالي المبكر يساعد الصغار على تعلم كيفية تحديد وتوصيف الأحاسيس الخاصة بهم قبل الانتقال إلى تقليد ذلك لدى الغير. هنا يأتي دور الكبار بمثابة الرافعة الرئيسية لهذه العملية التعليمية الحيوية. يمكن تحقيق ذلك عبر عدة خطوات بسيطة ولكن ذات تأثير عميق.
تأكيد فاعلية رد فعل الطفل تجاه الآخر
إن تقييم وانعكاس تصرفات طفلك عندما يعبر عن اهتمام بموقف مؤثر لدى صديقه أو أحد أفراد الأسرة يشجع التطور المستقبلي لهذا الجانب الإنساني لديه. تأكدوا دائما من تقديم عبارات التشجيع مثل "رائع! لقد شاركت حقاً بمشاعر صديقتك/شقيقك" لتذكيره بأن استجاباته العاطفية مقدرة ومؤثرة.
استخدام القصة والأدب لتنمية وتعزيز التفاهم المتبادل
قصص وأطالس خيالية مليئة بالمعاناة والحلول المحتملة تعد أدوات فعّالة لنقل دروس قيمة حول التعاطف. من الأمثلة البارزة كتاب "ذا ويلوفيز" للمؤلفة مايا لانجاتا حيث تعرض رحلات هذا المجتمع الخيالي نحوه الآخر وصفائه النفسي وبالتالي التركيز على ضرورة الموازنة بين الذات والمحيط الخارجي. بالإضافة لذلك فإن العديد من الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية تقدم نماذج حية لما ينجم عنه التدخل الإيجابي لحالات الأزمات العالمية.
تشجيع المحادثات غير الرسمية بين الأطفال
بتشجيع جلسات تبادل الآراء داخل المنزل أو الروضة يحصل الصغار على فرصة فريدة لممارسة المهارات الاجتماعية واكتساب المزيد منها حديثا وذلك بإشراك بعضهم بعضا ضمن نقاش هادئ ومتزن حول مواضيع متنوعة كالصداقة والإخوة والإنسانية بشكل عام وهذا بدوره يقوي روابط الصداقة ويتيح المجال للحوار الذاتي العقلي لديهم والذي يشمل كل جوانب الحياة اليومية لهم ولمن حولهم وفي نهاية المطاف يدعم نمو الإنسانية داخليا وخارجيا أيضا .
توضيح الفرق بين التعاطف والشعور بالألم
بينما قد يحدث سوء تقدير لدى البعض إذ يظن أنه بإمكان الشخص الشعور بألم مشابه للألم الذي يجتاح ذاك الذي امامه لكن الواقع مختلف تمام الاختلاف فالهدف الرئيسي يتمثل بفهم الحالة وليس نقل المعاناة إليها عينيا وإنما إدراك وجود حالة نفسية واجتماعية تستحق المساعدة والدعم مهما كانت الظروف محيطة بها وذلك بإبداء رغبة صادقة لمساندتها سواء قدم الاسناد بطريقة مادية أم معنوية حسب مقتضى الامور وظروفها المختلفة زمنياً وجغرافياً أيضاً .
وباختصار, يعد تطوير التعاطف إحدى العمليات المهمّة والتي تؤدي دوراً رئيسياً فيما يتعلق ببنائنا لأجيال قادمة تتمتع بحياة اجتماعية متكاملة ومنفتحة نحو الآخر. وينصب تركيز حملتنا الحالي على التأكيد بأن التقارب الإنساني ليس اختيارياً بينما هو أمر مُستحبٌ ولا غنى عنه لترسيخ مجتمع أفضل يستمد قوة وحدته وصلابته من نقاط ضعفه أيضًا.