أحبتي نبدأ التغريد من كتاب
"القرآن محاولة لفهم عصري"
تأليف الدكتور مصطفى محمود https://t.co/jKbQb3U5aU
"المعمار القرآني"
كان أول لقاء لي مع القرآن و أنا في الرابعة من العمر طفلاً أجلس في الصف في كتاب الشيخ محمود
كان عقلي آنذاك صفحة بيضاء نقية لم يكتب عليها شيء و لم تتلق تأثيراً تربوياً خاصاً
فقد نشأت في أسرة كل فرد فيها متروك لحاله يحب ما يحب و يكره ما يكره و يلعب حتى يشبع لعباً
هكذا كانت تجري الأمور في بيتنا
لا إرغام على مذاكرة و لا قهر على تدين و إنما لكل حياته و على كل تبعته
لم نعرف غسيل المخ الذي عرفه كثير من الأطفال في أسر متزمته تحشر العلم و الدين حشراً في عقول أطفالها بالكرباج و العصا
و أحار في وصف الشعور الذي تلقيت به أول عبارة من القرآن
لا أجد كلمات تشرح هذا النوع من الاستقبال النفسي الغامض
وكيف كانت الكلمات تعود من تلقاء نفسها فتراود سمعي و ذاكرتي وأنا وحدي فأراني أردد بلا صوت "والضحى والليل إذا سجى"
وتقتحم علي العبارة القرآنية سكون طفولتي فأتذكر في ظلام الليل إلقاء الشيخ وهو يردد"وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى"
نعم لقد إكتشفت منذ تلك الطفولة البعيدة دون أن أدري حكاية الموسيقى الداخلية الباطنة في العبارة القرآنية
وهذا سر من أعمق الأسرار في التركيب القرآني إنه ليس بالشعر و لا بالنثر و لا بالكلام المسجوع و إنما هو معمار خاص من الألفاظ صفت بطريقة تكشف عن الموسيقى الباطنة فيها