- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بتطبيقات واسعة في مجالات مثل الرعاية الصحية، المالية، التعليم، والنقل، يبرز تساؤل ملح حول معاييره الأخلاقية وقدرته على اتخاذ قرارات عادلة. هذه المسألة ليست مجرد نقاش نظري فقد أدى انتشار التكنولوجيا إلى حالات تتطلب مراجعة عميقة بشأن كيفية برمجة الآلات لاتخاذ القرارات التي قد تؤثر على حياة الناس أو رفاهيتهم.
يعتمد تقييم أخلاقيات أي نظام ذكاء اصطناعي على عدة عوامل رئيسية تشمل الشفافية، العدل، الخصوصية والأمان. فالنظام الذي يعطي نتائج غير شفافة وغير قابلة للتفسير يمكن اعتباره غير أخلاقي لأنه يحرم المستخدمين من فهم سبب الوصول لتلك النتائج مما يؤدي لعدم الثقة به. أما بالنسبة للعدالة فإن التعامل المتساوي والصحيح بين جميع الأفراد عند اتخاذ القرار يبقى أحد أهم الجوانب لضمان نزاهة النظام وعدالته. بالإضافة لذلك تلعب حماية البيانات وتأمينها دوراً أساسياً في الحفاظ على خصوصية المستخدم وضمان عدم استخدام تلك المعلومات بطرق ضارة.
لكن كيف يتم تحديد ما هو "الأخلاقي" فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي؟ هذا تحدٍ كبير حيث تمتد القضايا الأخلاقية عبر مجموعة متنوعة من المجالات مثل القانون والمعرفة الإنسانية والقيم الثقافية والإسلامية أيضا. لذا فإن تطوير معايير واضحة وأخلاقية لإرشاد تصميم وبناء واستخدام الأنظمة تعتبر خطوة ضرورية للغاية للحفاظ على ثقة الجمهور واحترام حقوقهم كبشر أثناء تعاملهم مع العالم الرقمي الحديث.
وعلى الرغم من وجود جهود دولية ومبادرات لحوكمة الذكاء الصناعي إلا أنها غالبًا ما تكون متناقضة ومتفاوتة التأثير بسبب الاختلافات الثقافية والدينية والتيارات السياسية المختلفة. بالتالي فإن عملية رسم خريطة طريق موحدة نحو خلق بيئة أكثر استدامة وتوافقاً مع قيم المجتمع الإسلامي تصبح مهمتها أصعب ولكنها ضرورية لفهم أفضل وشرح أفضل لكيفية دمج التقنيات الحديثة ضمن منظومة شاملة تحترم الكرامة البشرية وتحافظ عليها.
إن تحقيق ذلك لن يأتي سهلاً فهو يتطلب توافقاً بين خبراء مختلف الاختصاصات بما يشمل علماء الأعصاب والفلاسفة والمطورين البرمجيين والمهندسين المدنيين فضلاً عن الشخصيات الدينية المؤثرة والشخصيات الاجتماعية العامة ممن لهم دور فعال في توجيه الاتجاه العام للمجتمعات الإسلامية خاصة وهم يواجهون يوميا تقنية جديدة لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة. ولعل محاولة الجمع بين علوم الكمبيوتر وعلم النفس المعرفي لفهم العمليات الداخلية للأدمغة البشرية وطرق تفكيرها ستكون مفتاحا مهما لهذه العملية الطموحة وذلك بالسعي لأن ينتج عنه نماذج أقرب لأسلوب التفكير البشري في حل المشكلات واتخاذ القرارات وفي ذات الوقت تحمل نفس المستوى من الضوابط الاخلاقية والتزاماتها تجاه الآخرين وخلق مجتمع رقمي آمن وصحي لكل أفراده بدون تمييز ولا ظلم ولا تجريح.