• صاحب المنشور: إيليا البدوي
  
  ملخص النقاش:
  تعد زراعة الأشجار في المناطق الحضرية استراتيجية متعددة الأوجه يمكنها تحسين جودة الحياة للمدن بطرق مختلفة. توفر هذه الزراعة فوائد اقتصادية وبيئية مهمة تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الاستدامة والحفاظ على البيئة داخل المدن الحديثة. تشمل بعض هذه الفوائد:

تحسين الجوّ:

تساهم الأشجار في تطوير بيئة حضرية أكثر برودة وتنظيفاً للجو بسبب عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بها. حيث تمتص أوراق الشجر ثاني أكسيد الكربون وتعطي الأكسجين كمنتج ثانوي مما يؤدي إلى خفض مستويات الانبعاثات المضرة بالأجواء. بالإضافة لذلك فإن الظل الذي تخلقيه يقلل الحاجة لاستخدام الطاقة اللازمة لتبريد المباني والمناطق المفتوحة خلال فصل الصيف الحار مما ينتج عنه توفير كبير في مصروف الكهرباء واستهلاك أقل للطاقة المتجددة.

تقليل الاحتباس الحراري:

تعمل أشجار المدينة كجزء حي من نظام طبيعي لمنع الاحتباس الحراري وذلك عبر امتصاص كميات كبيرة من غاز CO2. وفقا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، يوجد ارتباط مباشر بين عدد الأشجار وجودتها وبين قدرة المنطقة على مقاومة آثار تغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف. إن زيادة مساحة الخضرة ستؤثر ايجابيا أيضا على توازن درجة الحرارة المحلية وخفض درجات الحرارة المرتفعة خاصة فوق الأسطح الصلبة كالأسمنت والبلاط وغيرهما.

التأثيرات الصحية الإيجابية

يمكن لاتباع سياسات تتضمن المزيد من المساحات الخضراء والترويج لها التأثير بالإيجاب على الصحة العامة لأهل البلدان المترامية الأطراف والعواصم المكتظة بالسكان مع مرور الوقت. فالجلوس تحت ظلال الأشجار يحمي الأشخاص المصابين بأمراض جلدية حساسة كما يساعد مرضى الربو وألزهايمر وكذلك الأفراد الذين يعانون مشاكل نفسية وشخصية أخرى للتغلب عليها وذلك تحت تأثير جو هادئ ومريح بعيدا عن صخب السيارات والشوارع الصاخبة. وهناك دراسات علمية تؤكد دور الحدائق والأماكن الطبيعية بإعادة بناء شبكة الأعصاب لدى الأطفال ومن ثم تحسين مستوى التركيز لديهم أثناء الدراسة والفصول التعليمية المختلفة مقارنة بتواجدهم داخل قاعات مليئة بالمكاتب المعدنية والنوافذ الصغيرة المؤثرة سلبيًا على صحتهم النفسية والجسدية أيضًا.

إن تلك التحليلات تبقى مجرد جزء صغير مما تقدمه زراعة الأشجار للحياة البشرية عموما وحياة سكان البلدات والمراكز السكانية تحديدا خاصّة حين ترتبط بنظم نقل عام فعالة وآمنة تسهّل الوصول إليها وتحافظ على تماسك المجتمع المدني وطاقاته الهائلة بغرض تحقيق نموذج حضري أفضل يستوعب العدد المتزايد لسكان العالم ويواكب رغبتهم الملحة باستمتاع أكبر بكوكب الأرض المهدّد بالازمات المستقبلية الناجمة أساسًا عن نشاط الإنسان غير البناء والمعادي للاستقرار البيئي!