- صاحب المنشور: عبد العزيز الشريف
ملخص النقاش:بعد عقود من الصراع المستمر، بدأ الأمل يتجدد في أفغانستان مع توقيع اتفاقية سلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الاتفاق التاريخي يمثل محاولة جديدة لإيجاد حل سياسي للأزمة التي طالما عصفت بالبلاد منذ الثمانينات. لكن رغم أهميتها، تواجه المعاهدة العديد من التحديات والضغوط الداخلية والخارجية، مما يشكل مستقبلها غير مؤكد. هنا نستكشف جوانب هذه الاتفاقية وأثرها المحتمل على المنطقة والعالم.
**الاستحقاقات الأولية للاتفاقية**
* وقف الأعمال العدائية: أحد بنود الاتفاق الرئيسي هو وقف الهجمات المتبادلة بين قوات الحكومة ومقاتلي طالبان. هذا البند إذا تم تطبيقه بكفاءة سوف يساهم في الحد من الخسائر المدنية ويخلق بيئة آمنة للمفاوضات اللاحقة. ولكن، تجربة الماضي تشير إلى أنه قد يستغرق بعض الوقت حتى ينجز تطبيق فعلي لهذا الشرط.
* بدء عملية مفاوضات داخلية: يأتي بعد مرحلة وقف النار مباشرة بدء المفاوضات الداخلية بين حكومة كابول والفصائل المختلفة لطالبان. هدف هذه الحوارات هو وضع خارطة طريق نحو شراكة سياسية دائمة تضمن تمثيل الجميع وتحقيق الاستقرار السياسي.
* انسحاب القوات الدولية: تتضمن المعاهدة الجدول الزمني لانهاء وجود القوات العسكرية الأجنبية في البلاد بحلول مايو ٢٠٢١. ذلك يعني نهاية طويلة لأطول حضور عسكري أمريكي خارج حدود الوطن وإنهاء أيضا مساهمه الدول الأخرى مثل بريطانيا وكندا وغيرهم.
**التحديات الرئيسية أمام التنفيذ الناجح**
* عدم ثقة الطرفين: تاريخ حمل المصاعب والصدمات لكل من الحكومتين والقوى المرتبطة بطالبان. ظل الصراع قائمًا لعقود، وخلال تلك الفترة ظهرت الكثيرُ من الانتهاكات وانتشرت الشائعات حول نوايا الجانبين. وهذا غرس بذور الريبة وعدم الثقة والتي تحتاج لحل دقيق وصبر كبير للتغلّب عليها.
* الإرهاب والتطرف: تستضيف أفغانستان عدة جماعات متشددة بالإضافة للقاعدة والنصرة وجماعة الدولة الإسلامية. بينما تعهدت طالبان بمكافحة الإرهابيين حسب تعريفها الخاص بهم إلا أنها لم تبدِ أي خطوة نحو قطع العلاقات تماما بتلك الجماعات. وهذه المسألة تعتبر قضية حساسة لدى المجتمع الدولي وستؤثرعلى مدى نجاح واستدامة الاتفاق.
* الدعم الخارجي المضارب: إن الدعم الذي تقدمه إيران وباكستان -إلى جانب دول أخرى- لهو محل شكوك واسعة بسبب اختلاف مصالحهما مع واشنطن. بل إنه يمكن اعتبار دعم هذان البلدين لصعود قوة واحدة ضد الأخرى جزءاً من استراتيجية أكبر للدولة أو للتحالفات الإقليمية أكثر منه دعماً للسلام نفسه.
**تأثير المعاهدة على المنطقة والمجتمع الدولي**
إذا نجحت المعاهدة فسيكون لها تأثير بعيد المدى ليس فقط بأفغانستان ولكنه أيضاً على الدول المجاورة وعلى العالم عموما. ومن ضمن التأثيرات المتوقعه:
- استعادة الأمن والاستقرار: يؤدي السلام المستقر والأحوال الاقتصادية المحسنة إلى خفض معدلات اللجوء الهجرة وتهريب المخدرات وعواقب اخرى مدمرة كانت تسود سابقاً .
- دور جديد للولايات المتحدة وأوروبا : ستضع نهاية لاستمرار الحرب وهو أمر ضروري لتوجيه مواردها وقدراتها تجاه قضايا أخرى سواء كانت متعلقة بالمصالح الوطنية أو معالجة المشاكل العالمية الملحة. وبالمثل فإن مشاركتها الفعالة كمراقب أثناء العملية التشاورية الداخلية سوف تساعد رسم الطريق نحو انتقال ديمقراطي سلمي كما فعلتا سابقاََ خلال فترة الربيع العربي وما رافقها وقتذاك من اضطراب داخلي.
- المنافسة بين اللاعبين الإقليميين الكبار: ستكون نتيجة المعاهدة ذات اهمية كبيرة بالنسبة لدول مثل روسيا والصين الذين لهم مصلحة خاصة باعداد نفوذهم داخل آسيا الوسطى وضعت حد للحضور الأمريكي التقليدي بهذه المنطقه عبر بوابة باكستان وإيران .
ختاما، يبقى ان المعاهدة تعد اختبارا مفصليا للعلاقات الدولية ولقدرتنا جميعا على تحقيق مجتمع عالمي امن مستقيم. إنها فر