- صاحب المنشور: نصار المنور
ملخص النقاش:
في عصر الثورة الرقمية والتحول التكنولوجي المتسارع، يجد العديد من الأفراد والمجتمعات أنفسهم أمام مفترق طرق بين الازدهار الذي توفره التقنيات الحديثة والحاجة الملحة للحفاظ على تقاليدهم وقيمهم الثقافية. إن هذا التناقض ليس مجرد ظاهرة عابرة؛ بل هو معركة وجودية تستحق التأمل العميق والاستراتيجيات المدروسة. وفيما يلي استكشاف لملامح هذه المعضلة وآثارها المحتملة وطرق التوفيق بينهما.
تعدّ التقنيات الجديدة مصدرًا لا ينضب للإنجازات العلمية والصناعية التي أدت إلى تحسين نوعية الحياة البشرية بطرق جذرية وغير مسبوقة. فقد سهلت الاتصال العالمي الفوري وتبادل المعلومات والمعارف بسرعة مذهلة. كما ساهمت بشكل كبير في عملية تعزيز التعليم وإنشاء نماذج عمل مبتكرة تشجع الريادة والإبداع لدى الشباب. بالإضافة لذلك، لعبت دور فعال في تمكين المرأة وتمكين الفئات المهمشة اقتصاديًا عبر تقديم فرص العمل والمهارات اللازمة للتكيف مع متطلبات الأسواق العالمية المتغيرة باستمرار.
ومن الجانب الآخر، ثمة مخاوف مشروعة بشأن تأثير هذه التحولات السريعة على البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحافظة خاصة تلك ذات الأصول الإسلامية. فعلى الرغم من فوائد الإنترنت وفوائده العديدة إلا أنه قد أصبح أيضًا بيئة خصبة لنشر محتوى غير لائق وغزو ثقافي يؤثر سلبيًا في القيم الدينية والأخلاقية للأجيال الشابة. وقد اتضح ذلك واضحًا في انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومحتوياتها الضارة والتي غالبًا ما تتجاهل أهمية الحشمة والاحتشام والقيم الأخلاقية الأخرى المرتبطة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وحتى يتسنى لنا حل هذه المشكلة وتحقيق توازن مطلوب بين الاستفادة القصوى مما تقدمه التكنولوجيا وبين حماية هويتهم ومعرفتهم الخاصة بهويتنا كأمة مسلمة، يمكن طرح عدد من الحلول المقترحة:
- رفع مستوى الوعي والتقبل المستنير للتطورات التكنولوجية لما لها من مزايا عديدة لكن دون تجاهل المخاطر الكامنة خلف بعض جوانب استخداماتها الخاطئة أو غير المسؤولة منها. وهذا يستدعي خلق آليات رقابة اجتماعية وعائلية قوية تضمن عدم الانغماس الزائد فيما لا يفيد وينفر من الصالح العام.
- دعم الجهات الرسمية المكلفة بمراقبة الحدود القانونية لهذه الوسائط الإلكترونية وضمان تطبيق العقوبات المناسبة بحق مرتكبي الانتهاكات أو الذين يسعون لإثارة الفتن والخلافات تحت ذرائع مختلفة. حفظ وصيانة حقوق المواطنين وحاميتهما ضد أي محاولات لاستهداف وجودهم وانتشار أفكار تخالف التعاليم الشرعية والدينية يعد أمر حيوي بالنسبة لأي مجتمع يرغب بالعيش وفق ضوابطه وأخلاقه الخاصة به مهما تعددت أشكال تقنيات عصره الحالي.
- وضع سياسات عامة تساهم بتوجيه اهتمام شباب المسلمين نحو مجالات معرفية وثقافية ذات طابع حميمي وانساني يساعد على نشر وتعزيز الرسائل الإيجابية حول دينهم وتاريخهم المجيد ويبرز مكانتهم التاريخية الرائدة عالميا منذ القدم حتى وقتنا الحالي وماضية مستقبلا بإذن الله تعالى. مثل تطوير مواقع تعليم ديني اسلامية شاملة لغويًا وجغرافيا لتكون مرجع شامل لكل مايتعلق بفهم الدين والشريعة وواقع العالم العربي والعالم الاسلامي والتواصل المثمر لبناء جسور تفاهم مشتركة بين مختلف الأديان والجنسيات المختلفة .
- تبني نهج تربوي مبني علي فهم عميق لدور التعلم الذاتي والفردي والجماعي أيضا ضمن منظومة مجتمع مترابط ومتكامل يعزز من روح التعاون والاحترام المتبادل بين أفراده سواء كانوا صغارا أم كبار السن لتحقيق رؤي موحدة تسعى دوما لخدمة الوطن والإسلام كانسان واحد متآلف ومتسامح دائما بغض النظر عن الاختلافات الطائفية والفكرية الواجب احترامها واحتضانها داخل بوتقة وطن واحدة تجمع شملهم جميعاً بروح الأخوة الإنسانية الأصيلة المبنية علي أساس الاحترام المتبادل للآخر المختلف وللحريات العامة المنشودة بحرية وانفتاح بناء بعيدا