- صاحب المنشور: عبد الوهاب بن سليمان
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي الذي يتسم بتطور العلم والتكنولوجيا بوتيرة متسارعة، يُثار نقاش مستمر حول العلاقة بين الإسلام والعلم الحديث. هل يشكل هذا التقدم التكنولوجي تحديًا للدين الإسلامي أو يمكن اعتباره امتدادًا طبيعيًا للأفكار الإسلامية التي تشجع البحث والمعرفة؟ هذه القضية المعقدة تتطلب تحليلًا دقيقًا لفهم التفاعل التاريخي والثقافي بين الدين والإنجازات العلمية.
أولاً، يجب الاعتراف بأن الإسلام لديه تاريخ حافل بالإثراء المعرفي والفكري. منذ القرن الثامن حتى القرن الرابع عشر الميلادي، شهد العالم الإسلامي نهضة علمية عظيمة غطّت مجالات مثل الرياضيات، الفلك، الطب، الكيمياء، وعلم الأحياء. مشاهير علماء مثل الخوارزمي، ابن سينا، وابن الهيثم قدموا مساهمات كبيرة أثرت على تطورات لاحقة في الغرب وأعادت تعريف فهم البشر للعالم الطبيعي. كان هذا الازدهار مدفوعًا بفكرة الإسلام الأساسية التي تُشجِّع التعلم وممارسة الفضول الفكري باعتبارها عناصر رئيسية للإيمان. يقول القرآن الكريم "اقرأ باسم ربك الذي خلق" (العلق: ١)، مما يدفع المسلمين إلى الاستقصاء والحصول على معرفة حول خلفيات الأمور المختلفة. كما يؤكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية طلب المعرفة قائلا "يطلب العلم فريضة على كل مسلم".
ومع ذلك، مع ظهور النهوض الأوروبي خلال العصور الوسطى المتأخرة، بدأ التحيز ضد الأفكار اليونانية والأرابيّة - بما فيها تلك المستمدة من الثقافة الإسلامية - يظهر ويتزايد. أدت هذه الموجة الجديدة نحو احتكار المعرفَة للغرب إلى فشل النموذج التقليدي للتبادُل العالمي للمعرفَة وبالتالي عزلت الحداثة الأوروبية نفسها عن المكتسبات السابقة للشرق الإسلامي. لكن بشكل عام، فإن مرور الزمن لم يقضي على الدور الحيوي المحتمل للتعايش بين الإسلام والعلوم moderne. فأهداف الدين ورغبته في تحقيق العدالة والمصلحة العامة قد تعززت بالفعل عبر استخدام الاختراعات الحديثة وتحسين الخدمات الاجتماعية المقدمة لأتباعه. فالعديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة لديها الآن تقنية معلومات وتواصل متطورة جدًا جنباً إلى جنب مع بنية تحتية صحية وثقافية واسعة النطاق راسخة ومتكاملة ضمن المجتمع المحلي. لذلك، عندما يتم النظر بعناية أكبر في الوظائف الجوهرية لكل من الدين والإنسان، تصبح الرؤية أكثر وضوحا بشأن مدى توافقهما وليس تنافيهما. إن مفتاح حل أي صراع محتمل يكمن في مقاربة المثابرة العملية للقضايا المرتبطة بالمجتمع المدني والتي تؤثر مباشرة على حياة الناس اليومية. وهذا يعني جمع جهود أفراد مختلفين ذوو توجهات متنوعة ولكن جميعهم يعملون لتحقيق هدف مشترك وهو تمكين الجميع بغض النظرعن معتقداته الدينية الخاصة بهم من الوصول الأمثل لجميع أشكال الإنجازات الإنسانية بما فيها العلم والمعارف الأخرى. إنه مطلب أخلاقي واجتماعي يصعب تجاهله خاصة عند الأخذ بالحسبان قيام المنظمات الدولية غير الحكومية وغير الربحية بمبادرات عديدة تستهدف التركيز على حقوق الإنسان العالمية كوسيلة فعالة للحفاظ والاستدامة طويلة الامد لبقاء النوع البشري كوحدة واحدة متحدّة تسعى دائماً لتكون أفضل نسخة منها بإنتاج جديد دائم لما هو نافع وفائدتها مشتركة بين كافة الأعراق والشعوب والجنسيات مهما اختلفت عرقيا وثقافياً. ولذلك يمكن القول بلا شك بأنه رغم وجود خلافات نظرية هنا وهناك بين بعض الأشخاص الذين يعيشون داخل محيط ثقافي واحد إلا أنه تبقى هناك فرصة جيدة لإظهار القدرة المجمعة لهذه الجموع المتنوعة للاستفادة القصوى من تقدم العلم لصالح قضاياه المشتركة وهي سعادتهم وهمومهم وهموهم قبل كل شيئ آخر! وفي النهاية يبقى الهدف الأعلى المطروح أمام عينيك عينيك وقلبي قلبي هما السلام الداخلي والخ