لقد طرح العديد من الأشخاص تساؤلاً منطقيّاً حول تناقضات محتملة في بعض الأدلة المتعلقة بمكان وجود "اللوح المحفوظ"، حيث يُشير البعض إلى ارتباطه بالعرش رغم اعتقاد أن العرش هو حد أعلى لجميع المخلوقات. ومع ذلك، فإن التفسيرات الإسلامية لهذه القضية توفر حلولا متوازنة ومتماسكة مع التعاليم الدينية.
في الإسلام، يعد العرش سقف المخلوقات، أي أنه أعلى نقطة معروفة ضمن نطاق المخلوقات. ولكن هذا الاعتراف لا يعني استبعاد احتمال وضع أشياء أخرى فوقه. فعلى سبيل المثال، ينقل لنا حديث صحيح أن الله سبحانه وتعالى قد كتب مسبقًا عبارة "إن رحمتي سبقت غضبي" - التي تعد جزءًا أساسيًا من الرحمة الإلهية - فوق العرش. يؤكد العلماء مثل ابن مسعود رضي الله عنه هذه الفكرة عندما يقول إن المسافة بين السماء والسماء التالية تبلغ ألف سنة سفر، وأن هناك فراغا مشابهًا حتى يصل المرء إلى منطقة تسمى "الكرسي". وبعدها يأتي العرش نفسه، بينما يوجد الله فوق كل شيئ.
وعندما تطرح إشكالية كون الكتاب الموضوع فوق العرش مخلوق أيضًا، يجب التنويه إلى أهمية فصل فهم طبيعة الأشياء مقارنة بمكانتها الدقيقة. وفقًا لشروح علماء الدين المسلمين، فقد يكون هذا الكتاب يشير إلى لوح محفوظ ليس فقط كمفهوم شامل للتسجيلات الإلهية ولكن أيضا كتعبير مجازي عن التصميم الرباني الكبير الذي يتمتع بالحضور المقدس والمطلق فوق جميع الأمور الأخرى داخل مداره الخاص. وهذه طريقة لطيفة لتأكيد عظمة القوة الإلهية واستيعاب القدرة الواسعة للإرادة الإلهية.
وفي النهاية، بدلاً من الاعتماد الزائد على المنطق البشري لفهم ماهية المجالات الروحية والإلهية، يحث الإسلام المؤمنين على قبول الحقائق الوحيانية والتسامي فيها بتواضع وإيمان راسخ. أما الطرق الخاصة لكيفية تعامل هذه المواقع المختلفة مع بعضها البعض فهي خارج نطاق فهم البشر الطبيعي ويمكن اعتبارها ضمن طابع الغيوب المعروف لدى الجميع. إنه نهج مستقر قائم على أساس العقيدة والحفاظ على الحدود الفاصلة بين المخلوق والخالق.