في رحلة الوجود الإنساني نحو الفهم العميق للكون وخالقِه, يبرز سؤال محوريّ يُشغل الأفكار ويُلهب فضول الباحثين عبر التاريخ - وهو "ماذا كان أول شيء خلقَه الله؟". هذا الاستفسار ليس فقط جزءاً أساسياً من التعرف على الإيمان ولكن أيضاً بوابة لفهم أسرار الخلق والإبداع الألوهي. وفقاً للمعرفة الدينية الإسلامية التي تعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فإن الأمر الأول الذي خلقه الله عز وجل هو القلم. يقول تعالى في الآيات التالية من سورة الأقمر (الآيتان 4 و5): "وَقَالَ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَبَرَزُوا مِنْهَا وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنَّنِي رَأَيْتُ الرُّؤْيَا فَبَلَّغْتُهَا لَكُمْ فَعَلِمْتُ الرُّبُوبِيَّةَ وَمَن يُؤْمِنِ بِيَ حَسْبِي هُوَ عَلَىٰ رَبِّهِ يَتَوَكَّلُ". هنا يشير استخدام كلمة "الكلمة" إلى القوة الإلهية والقادر عليها والتي تجسدها فعل الخلق والتكوين. لذلك يمكن اعتبار القلم رمزاً لهذه القدرة الإلهية وقدراته الخلاقة.
إن فهم طبيعة هذه العملية الأولى، وإن كانت غير مرئية لنا مباشرة، يدفع البشر لاستكشاف المزيد عن حكمتهم وعظمة وجودهم ضمن منظومة الكون الواسع. إن التفكير فيما سبق ويعقب ذلك يساعد الإنسان على إدراك مداه محدوديته مقارنة بسعة علم الله وحكمته. إنه شهادة للتدبر والاستيعاب الصحيح للحقائق الروحية والعقلانية المترابطة بشكل وثيق داخل نظام عقائدي متماسك ومتكامل. بهذا المنظور، ندرك أهمية التقرب أكثر لفهم رسالة الوحي واستثمار تلك المعرفة لدعم إيماننا وتوجيه مساعينا الحياتية.