أبوَيّ نبيّ الإسلام.. رحلة البحث والإيمان

كان أبو وأُم النبي محمد صلى الله عليه وسلم جزءاً لا يتجزأ من قصته الرائعة ومصدر إلهام للمؤمنين عبر التاريخ. عبد الله بن عبد المطلب وأمه آمنة بنت وهب ه

كان أبو وأُم النبي محمد صلى الله عليه وسلم جزءاً لا يتجزأ من قصته الرائعة ومصدر إلهام للمؤمنين عبر التاريخ. عبد الله بن عبد المطلب وأمه آمنة بنت وهب هما الأبوان الذين حملوا رسالة عظيمة إلى العالم. ولد النبي محمد في مكة المكرمة عام الفيل القريب لتاريخ الميلاد المسيحي، نشأ يتيم الوالد بعد وفاة أبيه قبل ولادته بسنة، ثم توفيت والدته وهو صغير السن. ورغم خسارته المبكرة لعائلته البيولوجية، إلا أنه تربى تحت رعاية جده عبد المطلب وجده لأمه أبو طالب.

كان لوالد النبي دور بارز في حياته المستقبلية رغم قصر فترة وجوده مع ابنه. كان عبد الله معروفاً بكرمه وشجاعته وتقواه، وقد ترك بصمة واضحة في شخصية ابنِه منذ بداية سنواته الأولى. تنقلات عبد الله التجارية بين اليمن والشام سمحت له بالتعرُّف إلى العديد من الثقافات والمعارف التي ربما أثرت بشكل غير مباشر في تفكير ابنه فيما بعد. لكن القدر لم يمهله طويلاً؛ إذ وافته المنية عندما بلغ رسول الله ثلاث سنين فقط.

أما الأم آمنة فهي مثال النعمة والأمومة الحنونة حيث حرصت على رعايته وصيانته حتى آخر أيامها. كانت حريصة جداً على تعزيز الروابط العاطفية والثقة بالنفس لدى الطفل الصغير مما ساهم لاحقاً بتكوين شخصيته الجليلة والعظيمة. ولكن القدر مرة أخرى ابتعد بها مبكراً حين توفيت وهي تسافر برفقة مولودها أثناء عودتها نحو مكّة حين كان عمر الرسول ست سنوات تقريبًا.

وعلى الرغم من هذه الخسائر المؤلمة، فقد كانت حياة النبي مليئة بالبركات والتوجيه الإلهي. فبعد فقده لأمه ترعرع تحت ظل جدّه عبد المطلب الذي عرف بعطفه وسخائه وحبه للأعمال الخيرية وتعزيز الشعور بالانتماء للجماعة المسلمة آنذاك. وفي مرحلة الطفولة المتوسطة انتقل للاعتناء بجده لأبيه أبو طالب والذي احتضنه وعاملَه كابنٍ له رغم فارق العمر الكبير. عاش الشاب محمد برفقتِهما متلقياً دروس‌ ​​​التسامح والمعرفة والحكمة حتى بدأ بروز صفاته الحميدة وتميز طبائع أخلاقه الحسنة والتي جعلت منه مثالا يحتذى به عبر القرون التالية.

إن قصة أبينا وبني آدم -عليهم السلام جميعا- هي دليل عميق على حكمته سبحانه وتعالى وعلى خطوات الرحمة المُعدَّة لنا جميعا بغض النظر عن الظروف البيئية والممكنات البشرية الأخرى. إنها قصة محفزة لكل نفس تبحث عن الراحة والسعادة الروحية مهما اختلفت ظروف الحياة الخارجية حولنا.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات