بدأت قصة الأندلس عام 711 ميلادياً عندما قاد طارق بن زياد حملة عسكرية عبر مضيق جبل طارق إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، ممثلة بداية فترة طويلة وثرية من التاريخ المغاربي الغربي الغني ثقافياً واقتصادياً وعسكرياً. هذه الفترة الخصبة التي دامت سبع قرون شهدت تطوراً حضارياً مذهلاً ومعارك ملحمية وتأثيرات عميقة استمرت آثارها حتى يومنا هذا.
بعد النصر الكبير للفاتحين المسلمين تحت قيادة موسى بن نصير وطوقه القائد العظيم عبد الرحمن الداخل صاحب لقب "داعية الدولة"، أسسوا إمارتهم المستقلة والتي امتدت لتشمل معظم جنوب أوروبا آنذاك. شهد القرن الثامن عشر نهضة فكرية وفنية واجتماعية غير مسبوقة؛ فقد ازدهرت المدن كقرطبة وبغرية وشنشرة بالثروات الفكرية والثقافية والفلسفية والعلمية والعمرانية. بل إن العديد من التقدم العلمي والأدبي والتكنولوجي خلال تلك الحقبة كان سبباً رئيسياً لنشر الثقافة الإسلامية حول العالم القديم.
ومع ذلك، بدأ الصعود المدوي للأندلس ينحسر تدريجياً مع نهاية حكم بني أمية هناك نتيجة عوامل متعددة مثل ضعف الحكومة المركزية وانقسام السلطة بين مختلف الطوائف والإمارات المحلية بالإضافة للمؤامرات السياسية الداخلية والصراعات الخارجية مع الدول المسيحية الناشئة مجدداً بعد انحسار نفوذ الرومان الشرقيين. وعلى الرغم من محاولات بعض الحكام الموحدين لاحقا لإعادة توحيد البلاد واستعادة مجد الماضي إلا أنها لم تكن ناجحة بشكل كامل مما أدى لسقوط آخر دولتهم سنة 1492م عقب حصار غرناطة الشهير بقيادة فرديناند الثاني وإيزابيلا الأولى ملكا قشتالة وأراجون على الترتيب.
وبذلك أنهى الاحتلال الأوروبي مرحلة رائدة ومفعمة بالإنجازات الإنسانية المتنوعة أصبحت جزء مهم جداً من الشاملة العالمية والعربية أيضاً لما قدمته للإنسانية جمعاء. لقد تركت الأندلس بصمتها الواضحة ليس فقط جغرافياً ولكن أيضا روائياً وفكريا وثقافيا حتى اليوم الحالي بكل ما تحمله الكلمة من دلالات عميقة ومتعددة الجوانب.